الخميس، 13 أكتوبر 2011

الصراع الانجلو- فرنسي في ليبيا

تتشابك خيوط النفوذ الدولي وتتعقد في ليبيا وتنتقل بسرعة من حالة الاتفاق الى حالة الصراع وفق تطورات الوضع في ليبيا. وهذا طبيعي للدول التي تفكر بعقلية المنفعة الاستعمارية. فبريطانيا كانت صاحبة النفوذ الأوحد في ليبيا قبل الانتفاضة، لذلك كان من الطبيعي لها أن تكون الأقدر على التاثير في مجريات الأمور لاحقاً. فسارعت الى الاتصال ببعض صغار الموظفين عند القذافي أمثال وزير عدله مصطفى عبد الجليل ووزير داخليته عبد الفتاح يونس من أجل تشكيل البديل للنظام القائم فيما لو تطورت الأمور على الطريقتين التونسية والمصرية. والظاهر أن بريطانيا قد ارتأت أن تشرك معها فرنسا لسببين: الأول، حتى تبقى ممسكةً بالقذافي ونظامه فيما لو تمكن من الصمود أي أن لا تظهر هي في مقدمة الجهود الدولية ضد القذافي أي أنها أنابت عنها فرنسا في هذه الحالة فشجعتها عبر اللقاءآت المشتركة على تبوأ الصدارة لمناصرة الثوار، والثاني، لتكون فرنسا معيناً لها ضد أي تدخل أمريكي محتمل. وقد ردجت الدولتان أثناء فترة ضعفهما أمام القدرات الأمريكية الكبيرة على التعاون واقتسام المغانم، إذ إن أي منهما لوحده عاجز عن منافسة الولايات المتحدة بمفرده. وكان ذلك ظاهراً في الاندفاع الفرنسي منقطع النظير بداية الأزمة الليبية والمشاركة الفاعلة من الطائرات الفرنسية في القصف وصد قوات القذافي عن بنغازي. 


الجمعة، 12 أغسطس 2011

دقت ساعة النصر

يفقد الكفار مواقعهم في المنطقة الإسلامية ويحصل الفراغ والأمة تتأهب لساعة النصر وهي في أعلى درجات التأهب للقفز والاحتفال بنصر الله تعالى. قد يستغرب كثيرون من هذه الرؤية وهم يرون دماء المسلمين تسيل في الكثير من العواصم والمدن الإسلامية خاصة في المنطقة العربية، يستغرب كثيرون ذلك وهم يرون مراوغة الغرب وعملائهم وحنكتهم في استبدال عميل بعميل كما هو حاصل في مصر وتونس، لكن وبالله التوفيق فإنني أرى بأنّ ساعة الخلاص قد أخذت تدق وأنّ النصر قد بات مسألة ساعة بإذن الله، لا أكثر، وهاكم التفاصيل.


الجمعة، 17 يونيو 2011

قراءة لتطورات المشهد السوري

كانت التحليلات السياسية التي رافقت انطلاقة الانتفاضة السورية تشير بوضوح إلى أنّ هذه الانتفاضة تختلف كثيرا عن باقي الانتفاضات العربية. فمن حيث الجغرافيا السياسية تعتبر سوريا من دول المواجهة مع كيان يهود، وكذلك تعتبر قلعة قوية في محور ما يسمى "بالممانعة"، وشكلياً تعتبر حاضنةً للكثير من الحركات الاسلامية الفلسطينية. فكان كثير من المحللين الذين يحلو لهم خلط الأوراق عكسياً يتصورون تطور السيناريو السوري إلى فقدان حركات المقاومة الفلسطينية لملاذ قادتها، وفقدان حزب الله الاتصال بالسند وبإيران، وسقوط قلعة الممانعة والمواجهة التي مثلها النظام السوري عبر عقود كمسرحية لم يصدقها إلا الأطفال.
وكان الكثير من هؤلاء المحللين يغفلون عن أنّ النظام السوري يحافظ على هدوء مطبق لجبهة الجولان، وأنّ هذا النظام قد عمل على تعميق قوة الردع لكيان يهود عبر الهجمات الكثيرة التي كالها كيان يهود لسوريا في لبنان وداخل سوريا، وكان النظام السوري يعلن بأنّه سيرد في المكان والزمان المناسبين، فعمق بذلك من خوف المؤمنين به من قوة الجيش اليهودي. فلم يكن من سوريا "الممانعة" إلا الكلام والخطابات الرنانة التي زادت الطين بلَة وساهمت في تفريغ المنطقة العربية من أي قوة يمكنها أن تجابه التحديات. لكن النظام السوري كان ينكشف في الأزمات الخطيرة مثل احتلال العراق للكويت فاضطرت أمريكا للاستعانة علناً بهذا النظام الذي تنسق معه الكثير من سياساتها، لكن من وراء حجاب حتى تتمكن عن طريق خطاباته وصورته الممانعة من احتواء الحركات الثورية سابقاً والاسلامية لاحقاً كحزب الله وحماس والجهاد وغيرها.
 

الأحد، 24 أبريل 2011

حزب التحرير هو المحور الأكثر سخونة في المظاهرات في سوريا

لم تكن الأحداث في سوريا كمثيلاتها في البلدان العربية، فما أن اندلعت الأحداث في تونس ومصر واليمن وليبيا حتى انبرت وسائل الإعلام العربية مقلبة أوراق تلك الأنظمة يسرة ويمنة على أمل التأثير في مسار الأحداث، لكن الأحداث في سوريا كان يتراءى لها نفسٌ خطير دفع وسائل الاعلام إلى الحذر، ثم الحذر في "صب الزيت على النار" في سوريا والتي يمكن لنارها أن تلتهم كافة العروش وأن تقلب كافة الأنظمة، بل وتغير وجه التاريخ.

وقد بثت فضائية ال BBC برامج مفادها أنّ التغيير في سوريا ليس كمثله في مصر أو تونس وأنّ حقيقة ما يجري في سوريا وخطورته توازي بل تزيد عن خطورة تغيير نظام الحكم في مصر، وتساءلت في أكثر من برنامج على فضائيتها ومقالات عبر موقعها الالكتروني: هل تؤدي احتجاجات سوريا الى شرق أوسط جديد؟


السبت، 9 أبريل 2011

مجرم سوريا بشار الأسد يوغل في دماء درعا ودماء السوريين


سلّطت كاميرات الفضائيات العربية والدولية على انتفاضات التونسيين والمصريين واليمنيين والليبين وغيرهم كثير، لكن هذه الكاميرات تغيب عن رصد الاجرام الذي يقوم به ابن الأسد ونظامه في سوريا. والقليل القليل من ما يتمكن شباب سوريا من بثه عبر الانترنت يظهر هبة أهل الشام المجيدة ضد الظلم والظلام الذي فرضه نظام حافظ أسد منذ عقود ولا يزال مستمراً بعد ورَث الحكم لابنه بشار. وهذا الغياب الاعلامي اللافت يحملنا على التفكير فيما يحدث في سوريا، وفي الدرجة العالية من الاجرام التي يوظفها النظام لمقاومة هذه الهبة المباركة لا سيما في درعا واللاذقية. ومن أجل الوصول الى شيء من الحقيقة لا بد من تسليط الضوء على الحقائق التالية: 

السبت، 2 أبريل 2011

الكفار والأنظمة العربية تقتل المسلمين

إن فهم الواقع جزء أساسي من مساعي تغييره. وكثيراً ما اختلط الفهم على كثيرين لحقيقة الأنظمة العربية وغير العربية القائمة في العالم الاسلامي. وكثيرون هم الذين وقعوا في فخاخ الأقنعة المزيفة التي غطت بها الأنظمة القائمة وجوهها، وكان الوقوع في ذلك الفخ هو المصيدة المطلوبة لتثبيط الشباب عن العمل الجاد من أجل الهدف. وقبل أن نلقي النظرة على الحقيقة المتجلية الآن بوضوح من التحالف غير الجديد بين الكفار والأنظمة العربية ومعها غير العربية القائمة في العالم الاسلامي لا بد من طرق بعض الأمثلة على الأقنعة التي غطت أنظمة الحكم في المنطقة الاسلامية.
فمن جمال عبد الناصر الذي غطى قناعه الاشتراكي وهالة الزعامة الكبيرة التي أحيط بها، كل ذلك جعل الناس يستبعدون أي ارتباط له بالغرب أو أنه ضعيف. وعلى الرغم من أن دولة "اسرائيل" الضعيفة وقتها قد هزمته شر هزيمة سنة 1967 وهو حاكم مصر العظمى إلا أن الناس بقيت تثق به. ولم يتسائل عنه الناس كثيراً كيف أن نائبه ورفيق دربه أنور السادات قد أصبح بين عشية وضحاها عميلاً للأمريكيين، وهل يمكن يا ترى لرجل أن يجر نظاماً لتبديل وجهته، نعم لم يتسائل الناس عن حقيقة عبد الناصر، وبقي سراً دفن معه لا يعلمه إلا قليل.

 

الأحد، 27 مارس 2011

الى الأمام يا أمة الاسلام

في خضم الغليان الشعبي في المنطقة العربية كان لافتاً رؤية بعض التفاعلات الجانبية الناتجة عن هذا الغليان. فبثت الأخبار تصريحات صادرة عن اجتماع الرئيس الروسي ميدفيديف ورئيس وزراء يهود نتنياهو، وكانت هذه التصريحات لافتة. فرئيس روسيا يقول نجتمع مع رئيس وزراء "اسرائيل" في ظل التطورات السلبية الأخيرة في الشرق الأوسط، وقد ذكرني هذا بكلمات تعجب غريبة صادرة عن أحد المفكرين الروس عبر قناة "روسيا اليوم" عندما تسائل" لمصلحة من ما يجري الآن في مصر؟؟ وأما رئيس وزارء يهود فقد كان صريحاً في التعليق عندما ذكر في ذلك اللقاء "أن المنطقة العربية والعالم الاسلامي مقبل على دول اسلامية متشددة تشكل خطراً على "اسرائيل" وروسيا والعالم أجمع. 

الاثنين، 21 مارس 2011

الغرب ينكمش أمام الثورات في البلدان العربية

 إذا كانت الثورات المباركة التي تجتاح المنطقة العربية تبشر بعصر جديد للمنطقة فيه الكثير من الآمال، فإنها نفسها أي تلك الثورات تكشف انكماشاً جديراً بالملاحظة في المشهد الغربي على الساحتين الأوروبية والأمريكية. وهذا كله يشير الى نتائج تظهر آثارها على الأرض في أنّ عملية التآكل للعظمة الغربية قد أخذت مدىً ينذر بانحدار سريع. وليس معنى ذلك أنّ الثورات العربية تقود الى ذلك الانكماش في الغرب، بل الأدق أنها تتزامن معه من ناحية، وتعمل على تعميقه من ناحية أخرى. والمسألة فيها وجه شبه كبير بين حالة الأمة الاسلامية التي كانت آخذةً في التردي إبان الدولة العثمانية، وانكشف ضعفها وتعمق عندما تزامن ذلك مع النهضة الأوروبية قبل ثلاثة قرون. 

رياح التغيير في المنطقة

عصفت النار التي أحرقت جسد البوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد التونسية بكل الرماد الذي كان يغطي الجمر الملتهب في المنطقة العربية خصوصاً، بل وباقي مناطق العالم الإسلامي. ذلك الجمر الذي يلتهب كراهيةً للحكام ويهدد بالعصف بالأنظمة الحاكمة ونفوذ المستعمرين في بلادنا، ومن الجدير التنبيه إليه هنا أن قوة ذلك الجمر لم يكن أحد يتصورها سوى الحزب، فقد صدمت الأحداث التونسية والمصرية دوائر المخابرات العالمية والتي ألقت حكوماتها باللوم عليها لعدم تمكنها من التنبؤ بكل الأحداث.

أطاحت رياح التغيير برؤوس الحكام في تونس ومصر وها هي تأكل رأس حاكم ليبيا واشتعلت المواجهات بين المحتجين والحكام في عدة مناطق أخرى كاليمن والبحرين والأردن والمغرب والعراق بما فيه كردستان وكذلك في إيران. نقلت رياح التغيير هذه الحكام من حالة الاستقرار والاطمئنان إلى حالة الخوف والهلع مما هو آتٍ بعد أن كشرت الشعوب عن أسنانها في وجه حكامها فانكشف المستور المغطى بالرماد من ذوبان أي ثقة بين الشعوب الإسلامية وحكامها، فقام بعضهم باستدعاء المرتزقة المأجورين من إفريقيا وطلب نظام الأسد من حزب الله بإسناده ب8 ألاف مقاتل للدفاع عنه أمام هبة جماهيرية متوقعة، والمخفي أعظم.

الأحد، 20 مارس 2011

الجرائم اليهودية في غزة

19 كانون الثاني 2009

ماذا بعد الدم إلا الدم

أعلن اليهودي الأعمى أولمرت ووزير حربه باراك وقف إطلاق النار من جانب واحد في غزة، وقد قدم هذا الأعمى اعتذاراً لشعب غزة على ما ألّم بهم نتيجة ما أسماه أخطاء حماس وكرر أن جيشه كان يستهدف إرهابيي حماس فقط. وعلى الرغم من أن الكثير الكثير سيقال في موضوع الحرب على غزة إلا أن هذا أي دماء المسلمين التي أريقت ولا تزال يجب أن يكون الموضوع الأول بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى.
إن هذه الحرب والتي جمعت أقبح الأخلاق العسكرية ربما عبر التاريخ وجمعت معها أسحلة فتاكة وفي مساحة بالغة الضيق بحيث لا مفر من صواريخ الطائرات إلا الى قذائف المدفعية والزوارق البحرية، واكتملت الصورة تماماً بما يملكه أهل غزة ومقاتلو حماس من أسلحة لا ترد فتك اليهود بشيء.

سقوط الرأسمالية الى الهاوية

 20 تشرين الثاني 2008

أضواء فكرية وسياسية على الأزمة المالية الرأسمالية

طالما تغنت الدول الرأسمالية الغربية بتقدمها الاقتصادي وتبجحت برفاهية شعوبها وببحبوحة العيش التي أوجدها المبدأ الرأسمالي، وطالما كان صعباً إقناع الكثيرين من المضبوعين بالغرب بعيوب الفكر الرأسمالي وبطلانه أمام حقائق الواقع الغربي من تقدم ورفاهية وسطوة سياسية وعسكرية ونجاح استعماري واسع. ولقد ازداد تبجح الرأسماليين الغربيين بعد الانتصار المدوي على الاشتراكية السوفييتية بداية التسعينات من القرن المنصرم حتى حمل ذلك النصر بعض مفكريهم مثل فوكوياما للتحدث عن نهاية التاريخ بهذا النصر الرأسمالي العظيم.

كان التقدم الاقتصادي الراسمالي بنموذجه الأمريكي محل تسائل كبير من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين حول العالم، وكانت نظرة الخبراء بشكل عام تنحسر في رؤيتهم لتجمع مخاطر متعددة حول أمريكا سياسياً واقتصادياً، وأما المسلمين المبدئيين فقد كانوا مطمئنين الى وجوب انحسار أمريكا لأنها تقوم على باطل وأن مرسل رسالة الهدى لا بد مظهر دينه حين يشاء.

إعادة النظر في خريطة الولاءآت الباكستانية

 22 أيلول 2008

أخذت التطورات تتلاحق في باكستان بعد التنصيب الهادئ للرئيس زرداري والتي كان آخرها التفجير الشديد الذي وقع بالأمس في فندق ماريوت، وإن كنا لا نركز على من يقف وراء التفجير إلا أن الواضح تماماً بأن الأوضاع الباكستانية لم تعد على ما يرام في المنظور الأمريكي وأنها مرشحة لتشكيل المزيد من المصاعب للادارة الأمريكية في الفترة القادمة، فماذا تغير في باكستان؟؟؟

ومن البداية لا بد وأن نقر بأننا (من خارج باكستان) لا نملك الكثير من المعلومات التفصيلية حول حجم القوى الفاعلة والتغيير السريع في ميزان القوى الباكستاني، ولكن الأحداث تشير بوضوح الى تغيير كبير في الوضع الباكستاني، ولا يجب أبداً استبعاد أن بريطانيا قد نصبت فخاً ناجحاً فتمكنت فعلاً من إسقاط النفوذ الأمريكي في إسلام أباد.

الحرب الروسية في جورجيا…… الموقف الدولي يتساقط من أيدي أمريكا


 17 أغسطس 2008

روسيا تعصف بالتفرد الأمريكي بالموقف الدولي

في سابقة هي الأولى من نوعها قامت القوات الروسية باجتياح الأراضي الجورجية منذرةً بحربٍ باردة جديدة مع الغرب وكأنها تجتاح تشيكوسلوفاكيا في الستينات.  كانت الأزمة مع الرئيس الجورجي ساكاشفيلي الذي أدخل قوات بلاده الى إقليمه المتمرد أوسيتي الجنوبية، فما كان من روسيا إلا المبادرة بالحرب غير مكتفيةٍ بحدود منطقة أوسيتي الجنوبية ومقتربةً من تبليسي عاصمة جورجيا.

والناظر في الأحداث هذه يجد أن روحاً فعلية قد نمت في السياسة الروسية على مدار السنوات الخمس الماضية قد دفعتها الى اتخاذ هذا الموقف الغريب على روسيا الاتحادية خلال العقدين الماضيين. وهنا المسألة ليست متعلقة إطلاقاً بالمسألة القفقازية برمتها، إذ إن روسسيا الاتحادية خاسرة بدخولها جورجيا في الاطار القفقازي، ولكن الظاهر ان لروسيا حسابات أبعد من ذلك.

 

نفوذ الغرب في بلاد المسلمين

6 نيسان 2008

النفوذ السياسي
وحقيقة النفوذ الغربي في العالم الاسلامي

النفوذ السياسي
إن فكرة الدولة النافذة والمؤثرة في الدول والأمم الأخرى ليست بالفكرة الجديدة التي ابتدعها الغرب، بل هي فكرة قديمة ولكن الغرب الحديث قد توسع فيها بشكل خطير. فقديماً كانت الدولة التي تسعى للسيطرة والتوسع لأهداف مبدئية أو غير مبدئية تقوم بفعل ذلك بنفسها غالباً وإن كانت بعض الدول والامبراطوريات قد اتخذت الاعتماد على الغير استراتيجية لحماية حدود إمبراطوريتها، فالدولة الرومانية كانت تتخذ من الدول الصغيرة حولها أدوات تصارع بها غيرها وكذلك حتى تتلقى هذه الدول الهجوم الأول على الدولة الرمانية من أي دولة تحاول محاربتها. وفي الصين القديمة والحديثة فإن الأعراف والتقاليد السياسية فيها تقتضي بأن تواليها الدول المحيطة بها، ولكن هذا الولاء الذي تقتضيه الأعراف والتقاليد الصينية هو ولاء احترام وتقدير للأمة الصينية وتاريخها يمنع تلك الدول الصغيرة من التفكير في إشعال حرب ضد الشعب الصيني أو التحالف مع أعداء بعيدين. وكانت روسيا القيصرية إبان نهضتها تستعين بالدول الصغيرة المحيطة بها من أجل القضاء على مملكة قازان الاسلامية التي كانت تمثل مركز الخطر في أذهان الروس قبل القضاء عليها منتصف القرن السادس عشر.

تآكل عظمة الولايات المتحدة الأمريكية

10 نيسان 2008

تتضافر عدة عناصر لبناء قوة الدول، وعند الحديث عن عظمة دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية فإن عناصر القوة فيها قد تم بناءها عبر تاريخ طويل، وليس هذا فحسب فإن مناخاً مناسباً كان لازماً لابراز عظمتها بالشكل الذي تبدو فيه، وهذا المناخ قد شكلته الحرب العالمية الثانية، فلم يكن بإمكان قادة الولايات المتحدة دفعها الى تلك المكانة المرموقة بين الأمم لو لم تحصل تلك الحرب التي برزت فيها الولايات المتحدة كقوة نووية بتسديدها الضربات القاتلة لليابان، وبرزت كقوة اقتصادية وصناعية وعسكرية من الدرجة الأولى بكميات السلاح الهائلة التي صنعتها وباعتها للدول الكبرى خلال الحرب بالاضافة الى حقيقة ما تمتلكه من أراضٍ خصبة وصناعة قوية، وبعزيمة قادتها فقد اندفعت تفرض شروطها على الحلبة الدولية فكان بروزها الشديد كقوة سياسية جبارة عبر العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية. وعناصر القوة الأمريكية هذه وغيرها كثير بلغت من العنفوان والشهرة بحيث يصعب أن يتخيل العقل ضموراً لهذه القوة أو اختفاءً لها عن الحلبة الدولية.

إرهاصات وقوف الاسلام على عتبة النصر العظيم

آذار 2008م

حالة الإرهاق والاستنزاف الجديدة للغرب في العالم الاسلامي

يرصد هذا المقال حالة جديدة وغير مسبوقة من استنزاف الغرب وإرهاقة في العالم الاسلامي، وأن هذه الحالة تقود الغرب الى الضعف والمسلمين الى القوة، وهي ظرف جديد تحكيه الوقائع على الأرض لتؤكد قرب الفرج وأن المسلمين بإذن الله على موعد غير بعيد مع نصر عظيم.

عقد حلف شمال الأطلسي في بدايات شهر شباط مؤتمراً في ليتوانيا كان عنوانه أفغانستان، وبعدها أيضاً كانت وزيرة الخارجية الأمريكية رايس بصحبة وزير الشؤون الخارجية البريطاني ميليباند في زيارة لأفغانستان، وانعقد بعد ذلك مؤتمر ميونخ لمناقشة سياسة الأمن الدولي وهدد وزير الدفاع الأمريكي بأن أفغانستان قد تقسم حلف الاطلسي. كانت الأجواء مشحونة بقوة بين دول حلف الأطلسي في المؤتمرين (ليتوانيا وميونخ) بشأن زيادة عدد القوات في أفغانستان لمواجهة تنامي قوة حركة طالبان، فدول أوروبا عموماً غير متفقة مع واشنطن بشأن زيادة عدد قواتها هناك، والقوات الألمانية تتواجد في المناطق الشمالية الآمنة من أفغانستان وترفض أي فكرة لنقل قواتها الى الجنوب أو الشرق حيث يتزايد النشاط العسكري لطالبان، وفي الجنوب تقف القوات الأمريكية والبريطانية والكندية وحدها في المواجهة، والقوات الكندية هددت بأنها بشأن سحب قواتها العام القادم إذا لم يتم إرسال تعزيزات من دول الناتو لتلك المناطق الساخنة. وقبل الشهر من الآن طردت حكومة قرضاي في أفغانستان بعض الأوروبيين (منهم إنجليزي واحد على الأقل) بتهمة مفاوضة حركة طالبان دون علم حكومة قرضاي المنصبة من واشنطن. وفوق كل ذلك ذكر مسؤولون أوروبيون بأن الولايات المتحدة تعتبر نفسها في حالة حرب في أفغانستان، وكأنهم يودون التأكيد بأن الحكومات الأوروبية لديها نظرة مختلفة للوضع في أفغانستان.

الجديد في تكالب الدول المستعمرة على أفريقيا

12/3/2008

الصراع الدولي على أفريقيا

مقدمة
أفريقيا قوس من الأزمات الممتدة شرقاً وغرباً ووسطاً، وما تكاد بؤرة ما في هذا القوس أن تهدأ حتى يتضاعف طول القوس ليمتد أكثر فيزج بشعوب ودول جديدة في هذا القوس اللعين من أزمات المستعمر المنقب عن الثروة والنفوذ. وقبل الخوض في هذه الأزمات فإن لأفريقيا تاريخ عظيم في الاسلام فقد انصهرت مبكراً الكثير من شعوب القارة في الأمة الاسلامية وأصبحت جزءً لا ينفصم عنها، فأفريقيا أرض  الهجرة الأولى لأصحاب رسول الله عليه السلام عندما دخلوا الحبشة يحتمون من قريش بالنجاشي، وأفريقيا جزء من البلاد العربية منذ فجر التاريخ وقبائل حمير اليمنية ترتبط بشمال أفريقيا ارتباطاً وثيقاً منذ ما يزيد على ثلاثة آلاف عام، فأصل تسمية القارة يعود الى اسم ملك التبابعة في اليمن الذي كثرت غزواته الى أفريقيا وهو أفر يقش بن قيس الصيفي واليه تعود تسمية البربر في شمال أفريقيا بهذا الاسم، وكان ذلك قبيل بعثة موسى عليه السلام، وكذلك فإن الكثير من القبائل العربية كانت تسكن على شاطئ البحر الأحمر الغربية في مصر والنوبة (السودان).
وأما في العصر الاسلامي فإن زحف جيوش الفاتحين قد ضم بلدان مصر وطرابلس (ليبيا) وكانتا تابعتين للدولة البيزنطية منذ عصر الخلفاء الراشدين، وفي العصر الأموي أكمل المسلمون فتح شمال أفريقيا بكامله بل وعبروا الى الأندلس، أما مناطق الصحراء وما تحتها بما فيها السودان فقد فتحته الدولة العباسية، فكانت حدود الاسلام في أفريقيا هي مناطق الغابات المطرية غرباً والبحيرات العظمى شرق تنزانيا شرقاً، أي أن أكثر من ثلثي أراضي أفريقيا قد دانت للدولة الاسلامية منذ وقت مبكر وأصبح أهلها مسلمون، ولا يزالون رغم أن حملات التنصير قد قضمت قليلاً من حدود الاسلام الجنوبية في أفريقيا.

توقيع معاهدة سلام بين اليهود والنظام السوري قريباً

3/3/2008    

المفاوضات السورية الاسرائيلية جارية على قدم وساق

ذكرت صحيفة هارتس الاسرائيلية يوم الجمعة 29/2/2008 أن لقاءً قد تم بين مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية سابقاً ألون ليئيل وبين عماد مصطفى السفير السوري في واشنطن بخصوص المفاوضات السورية الاسرائيلية وأن الأول قد رفع تقريراً بهذا الخصوص لوزارة الخارجية في تل أبيب. وفي اليوم التالي نفى مصدر إعلامي سوري وصف بالمسؤول هذه الأنباء.
وهذا النبأ يجب أن يفتح آفاق التفكير في مجريات ووضع المفاوضات مع اليهود نظراً للكثير من المستجدات الكبيرة، ونقلت هذه المستجدات الكبيرة أهمية السلام السورية مع اليهود من مصلحة حيوية للنظام السوري الى مصلحة كبرى للادراة الأمريكية وبعد ذلك الى مصلحة فائقة الحيوية بالنسبة للكيان اليهودي، وبهذه المستجدات فإن تحقيق السلام قد صار مسألة وقت ليس إلا.

آسيا الوسطى وباكستان وأفغانستان تقترن وتلتحم بالطاقة الرئيسية في العمل الاسلامي

20 شباط 2008

إن فكرة مركز العالم الاسلامي وأطرافه هي اختراع أمريكي وغربي، والدافع لهذا الاختراع رؤية الويلايات المتحدة وكذلك أوروبا بأن حركات الاسلام السياسية في العالم العربي خصوصاً قد اشتد عودها وتصلب حتى بات التأثير فيها غير ممكن. ووفق هذا المفهوم فإن العالم العربي هو المركز وغيره هو الأطراف. وقبل تفصيل الموضوع فإن السياسيين والمفكرين الغربيين لا سيما مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية قد شاهدت ظواهر وبنت عليها. فقد شاهدت حزب العدالة والتنمية في تركيا يتمتع بشعبية كبيرة وقد أوصلته هذه الشعبية مرات عبر الانتخابات الى صدارة الأحداث في تركيا، وأما في باكستان فإن المدارس الدينية والأحزاب الاسلامية الظاهرة كانت عبر التسعينات تشارك في الحكم مشاركة تجميلية ولا تظهر بتاتاً على أنها حجر عثرة أمام النفوذ الأمريكي والغربي في باكستان، وفي آسيا الوسطى فإن الجهل بالاسلام كان سيد الموقف طوال الفترة الشيوعية وأن ظهور قوة سياسية اسلامية في تلك المنطقة كان بمثابة خيال بعيد، ناهيك عن المسلمين التتار في حوض الفولغا داخل روسيا نفسها فإن معرفتهم بالاسلام بالغة السطحية وأن تناغمهم مع طراز العيش الروسي لم تكن تنتابه مشاكل تذكر.

وأما في اندونيسيا فإن ما يسميه الغرب بالاسلام المعتدل هو السائد والذي لا يطمح سوى الى التأثير الاجتماعي في الساحة في جنوب شرق آسيا أي في اندونيسيا وماليزيا. وفي أفريقيا فإن القرن العشرين قد انصرم ولم تظهر فيها حركات اسلامية قوية بالمفهوم والزخم الذي يلاحظه الغرب في العالم العربي.

الأعراف والتقاليد السياسية في روسيا

هذا المقال هو أحد موضوعات كتابي الجديد تحت عنوان "السياسة الروسية" سيصدر بإذن الله قريباً
أنشره لما به من فائدة إنشاء الله في مراقبة الأحوال الداخلية للدول المستعمرة والطامعة في بلاد المسلمين



بعد منتصف القرن السادس عشر أخذت الأعراف والتقاليد السياسية بالتشكل في روسيا، ومع بداية القرن العشرين كانت هذه الأعراف قد ترسخت لدرجة أن الدولة الشيوعية الفتية بالاضافة الى أنها لم تستطع إضافة مفاهيمٍ جديدةٍ للعقلية السياسية الروسية، قد وجدت نفسها مكبلةً بالتقاليد السياسية التي رسختها العقود والقرون في أذهان الروس، فلم تجد طريقاً إلا بتسمية الأسماء بغير مسمياتها لتتوافق مصالح الشيوعية مع المصالح القومية الروسية.

إغتيال بوتو وتطور الأوضاع الباكستانية


تلاحقت الأحداث المتتالية في باكستان والمرعبة للكثيرين في باكستان وخارجها مع نهاية العام 2007، وبلغت ذروتها باغتيال زعيمة حزب الشعب بيناظير بوتو، وحظيت باكستان باهتمام دولي شديد، فلماذا هذا الاهتمام اللافت بباكستان؟ وما هي يا ترى صورة الأوضاع في باكستان الآن؟ وكيف يمكن أن تتطور الأوضاع فيها؟

وللاجابة على ذلك نقول: يرجع الاهتمام الدولي الشديد بباكستان الآن لعدة عوامل. أولها أن هذا البلد يحتوي على طاقة سكانية هائلة تقارب 170 مليون نسمة، ويمتلك هذا البلد قوة نووية هي الوحيدة في العالم الاسلامي، وتعتبر باكستان عنصراً هاماً في توازن القوى الآسيوية أي بين الصين والهند. وهذه العوامل الاستراتيجية الكبرى كافية لوحدها لتبرير هذا الاهتمام الدولي الفائق بأي خلخلة للوضع الباكستاني، ناهيك عن الخوفات الغربية الاستراتيجية بتحول باكستان الى دولة إسلامية.

هل من عبرة من تجارب المشاركة في البرلمانات

20 تشرين ثاني 2007   

منذ نهاية الثمانينات تأثرت المنطقة الاسلامية بموجة الاصلاحات القادمة من شرق أوروبا والاتحاد السوفييتي، وبانهيار جدار برلين كانت الرسالة واضحة بأن عصر الديكتاتوريات قد ولى، ولما لم يكن أثر ذلك مقصوراً على الديكتاتوريات الاشتراكية فقد أخذت المنطقة الاسلامية تتأثر برياح التغيير الديمقراطي التي تنفثها الاصلاحات السوفييتية عبر وسائل الاعلام العالمية وبدعم وتشجيع كبيرين من الغرب لا سيما الولايات المتحدة.

في العام 1989 كان البرلمان السوفييتي قد انتخب بشكل حر وللمرة الأولى، وفي نفس العام تمت الانتخابات البرلمانية الأردنية. اجتاح الاصلاحيون السوفييت برلمان الاتحاد السوفييتي وهزموا الحزب الشيوعي السوفييتي هزيمة نسبياً لم يكن ممكن التفكير بها من قبل، وسارت حمى الانتخابات في بلدان شرق أوروبا وأصبحت الانتخابات معولاً رئيسياً في هدم أنظمة الحكم الشيوعية في أوروبا الشرقية. وبنظرة تقييم سريعة للانتخابات تلك نجد أن مصطلح أوروبا الشرقية بل ومصطلح الدول الاشتراكية ومصطلح  منظومة الدول الشيوعية قد غابت عن الأذهان ولم تعد قائمة. وهذا يمثل نجاحاً كبيراً للمشاركة السياسية وتنافس الأحزاب في الانتخابات البرلمانية.

واقع ايران في السياسة الأمريكية

6 كانون أول 2007

إيران بلد اسلامي شاسع المساحة كثير السكان، وهو بحق دولة كبرى ولولا حكامه لكان من الجدير  أن يكون له مكانة مرموقة في السياسة الدولية، وربما الأهم من كل ذلك الموقع الفريد الذي تتمتع به تلك الأراضي الإسلامية. فقديماً آوت تلك البلاد إحدى أكبر إمبراطوريتين على الأرض هي إمبراطورية فارس المنافسة لدولة الروم، وبتلاشي إمبراطورية فارس وهزيمة كسرى فقد زادت أهمية الأراضي التي تعرف اليوم بإيران فأصبحت معبراً للفاتحين المسلمين الى ما وراء النهر في آسيا الوسطى والصين وكذلك معبراً الى الشمال عبر القفقاز في إتجاه روسيا اليوم.

غلاء الأسعار وأزمة الأنظمة التابعة للسياسة الأمريكية

22/11/2007
تجتاح العالم بأسره اليوم موجة غلاء كاسحة في الأسعار، فترتفع معظم أسعار المواد الاستهلاكية بنسب لا تطاق، ويضطرب المواطن العادي صاحب الدخل المحدود ويضطر الى إعادة النظر في مستهلكاته بالتخلي عن بعضها، ويرتفع الغليان الشعبي وسط الشرائح الفقيرة في المجتمع فتعقد الندوات من الأكاديميين لمحاولة فهم أسباب هذه الموجة من ارتفاع الأسعار على أمل أن يجد هؤلاء الأكاديميون بعض الدواء لتخفيف هذا الجرح النازف في المجتمع، وتنطلق المسيرات الاحتجاجية ضد الغلاء كما في مدينة الناصرة في فلسطين  وفي المدن الإيطالية والمظاهرات الصاخبة التي عمت موريتانيا وأزهقت خلالها أرواح من المسلمين، وكما في الإضرابات التي تنظمها النقابات المهنية لمحاولة رفع الأجور بما يتناسب مع جدول غلاء المعيشة كما في إضراب المعلمين في مناطق السلطة الفلسطينية.

زلزال المقاومة العراقية كتاب جديد في الأسواق

المؤلف: عصام الشيخ غانم
صادر عن مطبعة الأدب في أيلول 2007
رام الله
عدد صفحات الكتاب: 224

يتعرض الكاتب عصام الشيخ غانم/فلسطين الى موضوع المفترق التاريخي الذي يقف العالم برمته أمامه نتيجة الغزو الأمريكي في العراق، فيبين كيف قامت أمريكا باختيار العراق ليكون بداية التنفيذ لمشروع أمريكي كبير يغطي منطقة الشرق الأوسط برمته، ويبين عناصر الاستراتيجية الأمريكية في العراق من السيطرة على منابع النفط واستغلال التركيبة السكانية المتميزة للعراق من أجل جعله البداية في عملية هدم الحدود المتوارثة عن سايكس بيكو ورسم خريطة الشرق الأوسط الجديد وفق المفاهيم والمصالح الأمريكية وإشعال الحرب تلو الحرب في المنطقة من أجل ذلك وحمل المنطقة على أن تحرق نفسها بنفسها بحروب أهلية وإقليمية متتالية وإنتاج كيانات جديدة بشكل يعمل على تأبيد النفوذ الأمريكي في المنطقة وتسهيل هضم المنطقة للكيان اليهودي من ناحية، ومن ناحية أخرى يعمل على منع العملاق الاسلامي من البروز أو تأخير ظهوره على الأقل . ويقول الكاتب:  

شيخوخة اسرائيل وفتوة الاسلام

الشيخوخة والفتوة في العرف السياسي هي مفاهيم ذات اعتبار كبير إذ تبدو الدولة أو القوة الفتية أكثر اندفاعاً وأكثر حماساً للعمل وتحقيق الانجاز، بينما تميل القوة التي شاخت الى الفتور ويسودها الكساد والشلل عن العمل. والشيخوخة قد تكون ناجمة عن أسباب داخلية تعوق عملها فتمنعها من النشاط، أي تبرز الكثير من المشاكل الداخلية فتجعلها تعكف على اصلاح أوضاعها الداخلية، وقد يكون ضعفها الداخلي ناتج عن تقوية عدوها فتجد نفسها يوماً بعد يوم أمام تهديد أكبر، ولما لا تستطيع مجابهة عدوها لمظنة الهزيمة فإنها في العادة تعكف على اصلاح الداخل فتقوم بتدريب جيشها ليصبح أقوى على أمل أن يكون قادراً على صد التهديد الخارجي، وتصلح اقتصادها على أمل أن يصبح قادراً على در المزيد من الانتاج فيعينها على تقوية نفسها اقتصادياً او توفير ما يلزم من نفقات عسكرية أو غير عسكرية.

وأما القوة الفتية فالاصطلاح بحد ذاته يدل على وجوب أن تكون قوة جديدة شابة أي تملك من طاقات المجابهة الكثير مما لا يملكه غيرها من القوى القديمة، ولكن هذه القوة الفتية غذا ما امتلكت أسباب الاندفاع المستمر وضخ الحياة في عروقها فإنها تبقى قوة شابة فتية قادرة على التأثير الفعال، والقوة الاسلامية بشكل عام كانت قوةً فتيةً لعصور طويلة لم تعرف الأمم الأخرى مثل هذا الزمن الطويل في الفتوة، والسبب أن الدفع العقائدي "الأيديولوجي" كان مستمراً وقوياً يشحذ الهمم ويدفع الى اقتعاد ذرى المجد والفتح ونشر دين الله.

الظروف تتشكل والمناخ يتهيأ لقيام الدولة الاسلامية العظمى

يلاحظ المتابع الواعي لمجريات الأحداث في المنطقة الاسلامية بعد 11 سبتمبر 2001 أن تغييرات جوهرية قد حدثت في المنطقة، ويلاحظ أيضاً أن المناخ العام في المنطقة يتهيأ بشكل متسارع لاستقبال الدولة الاسلامية، وأن هذه الدولة ستظهر دول عظمى ومنذ الشهور الأولى لولادتها. وعلى الرغم من أن هذه الحقيقة نجزم بها قبل 11 سبتمبر إلا أن الكثير من الأنظمة السياسية قد ظهر للمتابع الواعي تصدعها بشكل يسهل كسرها، وأن هذه الظروف كلها قد تجمعت في نتيجة الأحداث التي لحقت 11 سبتمبر 2001.

أوزبكستان الفقر ونهب الاستعمار الروسي

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه الفقرات تتحدث بإيجاز عن بلد مسلم حكم عليه حاكمه بالتغييب عن العالم الاسلامي وربطه بالقوة بمنظومة روسيا الاستعمارية، هذا البلد أوزبكستان، كان عبر التاريخ مركزاً اسلامياً رائداً وها هو يعود من جديد كذلك رغماً عن حكامه الذين يقدمون خيرات بلادهم لقمة للاستعمار الروسي والأمريكي وكذلك الصيني في الوقت الذي يرزح فيه مواطنوه في فقر ونظام اقطاع من مخلفات القرن التاسع عشر.

الفراغ في المنطقة الاسلامية

إن من أخطر الأوضاع السياسية وجود الفراغ، فهو مناخ قاتل للسياسيين يمنعهم من تنفيذ سياساتهم . والمنطقة الاسلامية عموماً والعربية خصوصاً كانت الدول الراسمالية والصراع الناشء بينها ووجودها الكثيف في المنطقة يملأ الفراغ بشكل كامل. فبعد أن غاب السياسيين المحليين عن الساحة على أثر هدم الخلافة الاسلامية وبرزت طبقة أزلام الاستعمار صار الاستعمار هو الذي يسير أمور المسلمين بشكل مباشر كما في لنصف الأول للقرن العشرين أو بشكل غير مباشر كما بعدها وحتى الآن.
لكن الجديد هو أن الدول الغربية واسرائيل لم تعد بقادرة على ملئ الفراغ الجديد الناتج بعد 11 سبتمبر ، وهذا الفراغ على النحو التالي: