الأحد، 20 مارس 2011

هل من عبرة من تجارب المشاركة في البرلمانات

20 تشرين ثاني 2007   

منذ نهاية الثمانينات تأثرت المنطقة الاسلامية بموجة الاصلاحات القادمة من شرق أوروبا والاتحاد السوفييتي، وبانهيار جدار برلين كانت الرسالة واضحة بأن عصر الديكتاتوريات قد ولى، ولما لم يكن أثر ذلك مقصوراً على الديكتاتوريات الاشتراكية فقد أخذت المنطقة الاسلامية تتأثر برياح التغيير الديمقراطي التي تنفثها الاصلاحات السوفييتية عبر وسائل الاعلام العالمية وبدعم وتشجيع كبيرين من الغرب لا سيما الولايات المتحدة.

في العام 1989 كان البرلمان السوفييتي قد انتخب بشكل حر وللمرة الأولى، وفي نفس العام تمت الانتخابات البرلمانية الأردنية. اجتاح الاصلاحيون السوفييت برلمان الاتحاد السوفييتي وهزموا الحزب الشيوعي السوفييتي هزيمة نسبياً لم يكن ممكن التفكير بها من قبل، وسارت حمى الانتخابات في بلدان شرق أوروبا وأصبحت الانتخابات معولاً رئيسياً في هدم أنظمة الحكم الشيوعية في أوروبا الشرقية. وبنظرة تقييم سريعة للانتخابات تلك نجد أن مصطلح أوروبا الشرقية بل ومصطلح الدول الاشتراكية ومصطلح  منظومة الدول الشيوعية قد غابت عن الأذهان ولم تعد قائمة. وهذا يمثل نجاحاً كبيراً للمشاركة السياسية وتنافس الأحزاب في الانتخابات البرلمانية.

وهذا يطرح سؤالاً كبيراً: إذا كانت شعوب الدول الاشتراكية قد حققت نجاحاً باهراً في التخلص من الديكتاتوريات والأنظمة المستبدة، فما الذي حققته الانتخابات في المنطقة الاسلامية؟؟؟؟
هل تغيرت أنظمة الحكم المستبدة عبر هذه الانتخابات منذ 1989؟؟
 أم أن تلك الانتخابات قد صبت في عروقها دم الحياة؟؟؟
إذا كانت الحركات الاسلامية هي التي تقف في صدارة المعارضة ضد أنظمة الحكم في العالم الاسلامي فهل استطاعت بناء الاسلام؟؟؟ كما استطاعت شعوب أوروبا الشرقية بناء الرأسمالية التي نشدتها.

وهذا التسائل وهذه المقارنة تحتوي على منطقية كبيرة فبعد انتخابات الأردن قد اجتاحت حمى الانتخابات ولا تزال المنطقة الاسلامية. فبعد أن سطع نجم الاخوان المسلمين في الأردن وبرزوا على أنهم قوة عملاقة على الساحة النيابية الأردنية، فقد برزت جبهة الانقاذ الوطني الجزائري سنة 1991 كقوة لا منافس لها على الساحة الجزائرية وتحدث كثيرون عن أنها ستغير الدستور وتقيم عما قريب الدولة الاسلامية التي تطبق شرع الله، وتزامن مع هذين الحدثين أي مع بداية التسعينات انتخابات أبرزت حزب الرفاه "الاسلامي" في تركيا قبل أن يحل ويعاد استقطاب المسلمين حول محور جديد هو حزب العدالة والتنمية في تركيا والذي نال في انتخابات 2007 أغلبية ساحقة في البرلمان التركي قد مكنت مندوبة من أن يصبح وللمرة الأولى في تاريخ تركيا رئيساً ذا صبغة إسلامية، وفي الباكستان شاركت الأحزاب الاسلامية في الانتخابات المتتالية وكانت تستمد زخمها من انتصارات المجاهدين في أفغانستان. وعلى الرغم من تأثر العمل الاسلامي في باكستان سلباً بالاقتتال بين المجاهدين الأفغان إلا أن هذه القوى الاسلامية الباكستانية قد توحدت على فكرة دعم طالبان بديلاً عن كافة التيارات الاسلامية الأفغانية. وكان ذلك برضا ودعم مباشرين من المخابرات الباكستانية.


والآن وبعد مرور ما يقرب من عقدين على تلك التجارب الحديثة فقد آن الأوان للمسلمين أن يقفوا ويقيموا الانجازات التي تحققت خلال هذه الفترة. وقبل التقييم من المؤلم قوله أن المسلمين الذين يهتدون بهدي نبيهم القائل "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" أن يقيموا هذه التجارب بعد عقدين من الزمان، إذ يفترض اتباع هذا الحديث التقييم السريع وليس البطيء، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا بد من وقفة تأمل شجاعة في النمط الجديد للتجارب البرلمانية الاسلامية، إنها نمط الانتخابات البرلمانية المصرية وبروز ما يمكننا أن نطلق عليه بجدارة "ديمقراطية العصي والخناجر" الذي مارسته أجهزة الدولة في مصر من أجل فرض حد معين وقدر معين لمرشحي الاخوان المسلمين في مصر، وكذلك تجربة انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني حيث وقف العالم بأسره رافعاً سيف العقوبات والتجويع لفرض ما يريد وبالسرعة التي يريد وبالوضوح الذي يريد، وهو اعتراف حركة حماس بشكل سريع وبالغ الوضوح وتحت مطرقة اليهود وضغط المساعدالت الاقتصادية.


يعتبر هذا النمط الجديد من التعامل مع الانتخابات وبروز القوى ذات الصبغة الاسلامية  ظاهرة جديرة بالتأمل. ومن يتأمل فيها يجد أن  الغرب وأعوانه من الحكومات والأحزاب العلمانية التي في الحكم تريد أمرين:

1- أن تكون الحركات ذات الصبغة الاسلامية شعاراً للتجميل الديمقراطي في الحكم، وما يؤدي اليه ذلك من إطالة عمره ودفعه الى ما لم يكن ممكن القيام به لو لم تكن الحركات الاسلامية خارج الحكم. فمثلاً كان الملك حسين يقر بالحرج الشديد في العلاقة مع دولة اليهود ويقر بصعوبة توقيع اتفاقية سلام معها على الرغم من سبق مصر الى ذلك، واستمر شعوره بهذه الصعوبة ولم يتمكن من ذلك إلا عندما كان الاخوان المسلمين في البرلمان (طبعاً هذا على صعيد الصعوبات الداخلية التي واججها ملك الأردن في السلام مع اليهود). وتذليل هذه الصعوبة كان ببيانه أن الاسلام المعارض والمتمثل في أعضاء البرلمان من الاخوان يمكنهم التصويت ضد اتفاقية وادي عربة ولكنهم يجب أن ينصاعوا لنتيجة التصويت الديمقراطية والتي يفرضها إيمانهم باللعبة الديمقراطية من كونها حكم الأغلبية بالأقلية.
أما كيف يمكن جعل القوى الاسلامية العملاقة تمثل أقلية في البرلمان فإن الملك قد اختار أن يكون عن طريق سن قانون (صوت واحد للناخب الواحد) وهذا ينسجم من الولاءآت العشائرية في الأردن، وفعلاً تم بهذا القانون تحويل كتلة الاخوان المسلمين الى أقلية لا تأثير لها الحكم. وهكذا مكنت المشاركة البرلمانية للحركات ذات الصبغة الاسلامية من قيام الحكام بما لم يقوموا به من قبل دون خشية من أي أخطار داخلية قد تهدد الحكم. وفعلاً فقد كانت معارضة اتفاقية وادي عربة باهتة وضعيفة ولا ترقى الى مستوى محاولات جدية لافشاله من قبل قوى ترى أن الشعب يسندها بقوة.

2- ضرب الحركات الاسلامية التي يسمونها راديكالية. وذلك أن الغرب قد أيقن بأن القوة الوحيدة الفاعلة في المشرق الاسلامي إنما هي الاسلام، وأن اسبعاد الحركات الاسلامية كافة من أي مشاركوة سيؤدي الى خلخلة أنظمة الحكم وإضعافها ومن ثم اسقاطها، فكان سبيله تقسيم الحركات الاسلامية الى حركات رادجيكالية متشددة وحركات معتدلة. ويمكن قراءة هذا النمط في التفكير الأمريكي من سلسلة تقارير مؤسسة راند والتي تصدر توصياتها للادارة الأمريكيةوالتي توصي وبشكل صريح بوجوب دعم الادارة الأمريكية للحركات الاسلامية الوسطية والمعتدلة وتمكينها من ضرب الحركات الراديكالية وتسمي مؤسسة راند الحركات الاسلامية بالاسم وفي تقاريرها الكثير من التفصيلات.
أما كيف يتم ضرب الحركات الاسلامية ببعضها، فإن ذلك يكون عبر توجيه الرأي العام للمسلمين بأن الانتخابات هي الطريق الوحيد للتغيير، وما دامت الحكومات هي التي تقيم الانتخابات وهي التي تسن تشريعاتها أي أنها تسيطر سيطرة كلية على سيرها وتتحكم بنتائجها الى حد بعيد فإت تغييراً إسلامياً حقيقياً في المشرق الاسلامي سيصبح بعيداً عن التحقيق، وفي هذه الحال فإن الحركات الاسلامية ستختلف حول الانتخابات فتصبح الانتخابات وشرعيتها وسيلة وخنجراً غربياً تضربه بين الجماعات الاسلامية متوجد بينها الفرقة وتمنعها من أي تعاون عملي قد يفضي الى تغيير جدي. أي تجعل من عملية الانتخابات موضعاً للخلاف والتباعد والتفرقة لتنسى الحركات الاسلامية بأن هدفها هو وضع الاسلام محل التطبيق والتنفيذ. ومن ناحية أخرى فإن هذه الانتخابات وطريقة الحكومات المدروسة في التعامل مع الفائزين من الحركات الاسلامية تفضي الى بناء ولاءآت من قادة الحركات المشاركة في الانتخابات للدولة وليس للحركة. وربما ليس أدل على ذلك من رفض أحد وزراء الحزب السالمي في العراق الاستجابة لطلب حزبة بمغادرة الوزارة (وزارة الصناعة) في بغداد وإعلانه بأنه سيغادر الحزب ولا يغادر الوزارة. ويمكن قراءة مثل هذه النتيجة من المشهد التلفزيوني والذي أظهر السيد عبد اللطيف عربيات وهو يقبل يد الملك حسين في مستشفى مايو كلينيك في أمريكا، وفي هذه الصورة ما يضرب أي تصور عند اي من منتسبي هذه الحركات بأن قيادتهم إنما تسعى للتغيير، وأن المسألة قد باتت واضحة بأن الوجود في الحكم مقصود بأي ثمن حتى ولو خالف ذلك الاسلام. وفي فلسطين فقد رفض اسماعيل هنية أي دعوات لتشكيل أي حكومة لا يكون شخصياً رئيسها، وكان مستعداً للتضحية بمناصب وزارية كثيرة للحركة على أن يكون هو رئيس الوزراء، وكان يحرص في سبيل ذلك أن تبقى صورته مقبولاً عند كافة الأطراف.


أما بعد هذين العقدين فإنه يجدر بنا أثناء التقييم التركيز على ما يلي:
1-     المنطقة الاسلامية تخضع للاستعمار الغربي بشكل عسكري أحياناً كما في فلسطين وأفغانستان والعراق والشيشان وكشمير والصومال وجزء من لبنان ناهيك عن كوسوفو في البلقان وتركستان الشرقة في الصين وتترستان في روسيا، وأما باقي المناطق فإنها تخضع للسيطرة المباشرة للغرب سواء أكان عن طريق القواعد العسكرية كتلك الأمريكية في كافة دول الخليج وتلك الروسية في القفقاز وآسيا الوسطى وغير ذلك، أو كان عن طريق السيطرة السياسية وربط الحكام بإحكام بسياسات تلك الدول الغربية. وهذا الواقع لا يكاد يكون موجوداً في العلام بهذا الشمول إلا في العالم الاسلامي. والنتيجة الطبيعية من هذا الواقع أن أمريكا الغرب عموماً سواء مباشرة كما في العراق أو عن طريق الحكام والأحزاب العلمانية في الحكم يستطيع التأثير بشكل مباشر على الانتخابات بما يفقدها من أي محتوى حقيقي.
وهذا ما يفسر سبب عدم نجاح أي من الحركات الاسلامية في التغيير عن طريق الانتخابات، بعكس ما حصل في أوروبا الشرقية.
ومن ذلك يفهم أن العمل لوضع الاسلام مكان الاستعمار في العالم الاسلامي يستحيل أن يكون ذلك عبر العمل من قنوات يوجدها الغرب نفسه للتنفيس من احتقان الشعوب في العالم الاسلامي. ولعل ذلك أيضاً ما يفسر سبب فقر المسلمين مع أنهم أغنى أمم الأرض موارداً.

2-     إن الحركات التي تدخل البرلمان إنما تدخله لتمثل الاسلام، وهي ترفع شعارات إسلامية وتقول "الاسلام هو الحل". وهذا يفرض على هذه الحركات أن تحقق إنجازاً اسلامياً أي إسلامياً مباشراً. فلا يكفي بتاتاً أن ينجح النواب من الحركات الاسلامية في بناء مدرسة أو مستشفى لأن نظرائهم الفرنسيون والروس والأمريكان قد فعلوا ذلك ولم يسموا ذلك عملاً إسلامياً، بل إنهم يجاهرون بالعداء للاسلام. فالعمل الاسلامي المباشر هو غير خدمة الجمهور وإن كان خدمةً للجمهور لأنه تقريب لهم من الجنة وإبعاداً لهم عن النار.
    والمقق في تجارب الحركات الاسلامية البرلمانية يجد أمرين:
الأول:
 أن هذه الحركات ترى أن وجودها في البرلمان إنما هو وجود للاسلام. وهذا فوق تعارضه مع رفض المصطفى عليه السلام المشاركة في الحكم مع قادة قريش، وهنا لا يرد بتاتاً أن قريش كانت مجتمع كفر وبلادنا غير ذلك، لأن  أنظمة الكفر وقوانينه هي المطبقة فهي قوانين كفر وأنظمة كفر تماماً كتلك الأعراف والقوانين التي كان كفار مكة يدعون الرسول عليه السلام للمشاركة فيها. ولا فرق بتاتاً بين أن يطبق نظام الكفر علماني يعلن معارضته لدين الله أو أن يطبقها شيخ ملتحٍ بل إن الأخيرة أشد بلوةً. وهذا المثال شبيه بشرب الخمر فإن الشيخ الملتحي إذا شرب الخمر لا يجعلها حلالاً وتماماً الموافقة على قوانين الكفر والسير وفق نظام الديمقراطية لأنه كفر لم يأت من عند الله.
وإنه لحقاً عجيب أن يوافق المسلم على ذلك، ففي نتيجة سيطرة حركة حماس على المجلس التشريعي الفلسطيني وبعد أحداث حزيران 2007 في غزة وعلى أثر اتهام الرئيس عباس لحماس بأنها تريد "إقامة إمارة ظلام في غزة"، رد الزهار فوراً بأن حماس لا تسعى لاقامة إمارة إسلامية في غزة. وفي هذا الكلام قولين:
الأول: كان المسلمون يتوقعون رداً قاسياً من حماس والزهار على اتهامك من يسمي تفسه رئيساً لشعب مسلم لإمارة اسلامية بإمارة الظلام، لأن الاسلام نور. وكان الأصل إحراج الرئيس وتوبيخه على استخدامه هذا المصلح الذي ينم عن عداء شرس للاسلام، وهذا لم يحدث.
والثاني: أن تعلن حماس على لسان الزهار أنها لا تنوي إقامة إمارة إسلامية في غزة ليرتفع السؤال، إذن ماذا تريدون؟ إذا كانت السلطة الداخلية قد آلت اليكم ولا تنوون ولا تفكرون في فرض الحجاب ومنع الربا والبنوك الربوية ومنع تداول الخمور وغير ذلك من أحكام الاسلام الكثيرة فلماذا تمارسون الحكم؟؟ أليس هدف الحكم في الاسلام هو وضع نظام الاسلام الرباني مكان نظام الكفر؟؟؟ أم تظنون أن أبناء المسلمين يدفعون للنضال والاستشهاد من أجل كراسي الزهار وهنية وغيرهم دونما وجود لأحكام الاسلام؟؟؟ من زرع هذا الفهم في أذهانكم؟؟ من أباح لكم الحكم بالكفر؟؟؟
وهنا بالطبع الجواب سيكون واضحاً، وقد تكلم به من دمشق السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس فور فوزها بالانتخابات التشريعية بعبارات قليلة أسكت بها الصحفية التي ذكرت تخوف الأجانب من ممارسة التشريعي الذي تسيطر عليه حماس لضغوط وقيود في اللباس والطعام والشراب، قائلاً: إننا نؤمن بالتدريج. فالجواب إذن على كل الأسئلة هو التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية والذي يسبيحه الاسلام حسب رأي هذه الجماعات التي تشارك في المجالس النيابية. وهذا ينقلنا الى الأمر الثاني.

الأمر الثاني في تجارب الحركات الاسلامية: مهارة استخدام التدرج في تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية
لم يرو أحد أن الرسول عليه السلام قد تدرج في تنفيذ اي حكم قد نزل فكان تطبيقه كلياً وفورياً للأحكام، وأما من أراد أن يقلد المشرع رب العزة الذي اختار التدرج في التشريع وليس في التطبيق وأنزل القرآن على مكث، فهو مخالف لما كان عليه المصطفى في التنفيذ. ولكن مع كل ذلك نقول إن فكرة التدرج في تطبيق الشريعة وبغض النظر عن تأصيلاتها الفقهية قد أصبحت ذريعة لعدم التطبيق.
نعم لقد أصبحت هذه الفكرة رديفاً كاملاً لعدم التطبيق ولا فرق بين من يرفض الشريعة وتطبيقها قولاً صريحاً وبين من يرفضها فعلاً تحت حجة التدرج:
·        منذ عام 1989 كم من قوانين الاسلام قد طبقت؟ الجواب يكاد يكون صفراً، والمتابع لمحاولات نواب الاخوان تطبيق منع للخمور على الطيران الأردني في بداية التجربة الانتخابية سنة 1989 يجد ذلك صراحةً، فلم تنجح محاولات الاخوان حتى في هذه الجزئية الصغيرة ناهيك عن منع الخمور كلياً، ناهيك عن أن حكم الخمور لا يكاد يشكل جزءً صغيراً من أحكام الاسلام العامة والتي لم تطرق أبداً في مجالس النواب.  وبالطبع فإن الاخوان قد أدركوا صعوبة تطبيق الاحكام الاسلامية عبر البرلمان ولم يعودوا يطالبون بها.
·        كانت الحكومات الباكستانية تقترح بين الحين والآخر أخذ بعض أحكام الاسلام لإرضاء المعارضة الاسلامية التي خارج البرلمان، ولكن  منذ حين طويل قد توقف ذلك رغم مشاركة حركات اسلامية في البرلمان. أي أن المشاركة كانت سبباً في التوقف. لماذا؟ لأن الحركات الاسلامية التي قبلت أن تكون أحكام دينها مادةً للتصويت في البرلمانات قد قبلت بالنظام الديمقراطي الذي يفرض على الأقلية البرلمانية الرضوخ لرأي الأغلبية والقبول بتطبيق أحكام غير الاسلام (الكفر)، والنتيجة ما نرى من تأخر التدرج في تطبيق الأحكام.
متى سمح الله لنا أن تكون أحكام دينه عرضة لتصويت البرلمانات الهابطة؟؟؟
·        يتسائل المسلم في فلسطين: لقد مرت أكثر من سنة وحماس تسيطر على المجلس التشريعي قبل القطيعة الناتجة عن أحداث حزيران 2007 في غزة، كم حكم من أحكام الاسلام يا سيد خالد مشعل تم تشريعها؟؟؟ ما هي جدوى التدرج إذن؟؟ خلال عام وبسيطرة واضحة لنواب حماس لم يتم تطبيق أي حكم اسلامي، فمتى تصبح الشريعة مطبقة يا استاذ خالد مشعل؟؟ إذا كنتم تقتدون بالرسول عليه السلام في تدرج ربه في التشريع فقد استمر التشريع يتنزل على نبي الله 23 سنة، هل ستنفذون الشريعة في 23 سنة؟؟؟ إذا قلتم الرسول عليه السلام كان يسطر على المدينة، أقول لكم: لقد سيطر عليها عشر سنوات، وها أنتم تستيطرون على غزة داخلياً!! وها هم من يتبنون فكركم يسيطرون على رئاسة تركيا ومجلس وزرائها وبرلمانها!! فمتى ستنهون التطبيق؟؟؟
أليس جدير بأي مسلم أن يتسائل: أأنا أدفع للنضال وتصور لي الجنة في حالات الأخطار والاستشهاد من أجل ماذا؟؟ أمن أجل دين الله؟؟ أم من أجل كراسي لرجال سموةا أنفسهم بالمسلمين؟؟ ولا يظهر عليهم ما يثبت ذلك عمليا!!
·        على الرغم من كافة التجارب والنجاح في البرلمانات في تركيا وبروز الجماعات كحزب العدالة والتنمية، فأين هو الاسلام في تركيا؟؟؟ كم من القوانين قد تم تطبيقها وفق فكرة التدرج في التطبيق؟؟
·         وفي مصر دفع المسلمون لتقديم أرواحهم في كفاح الأجهزة الأمنية أثناء ديمقراطية "العصي والخناجر" سنة 2005، ترى ما هي النتيجة بعد سنتين!! هل تحسن وضع الاسلام؟؟ ترى أكان فرق بين الوضع الحالي وبين ذلك لم يكن الاخوان في البرلمان؟؟؟ كم قانوناً إسلامياً تم تطبيقها خلال السنتين؟؟ كم يتبقى يا ترى من السنين لتطبيق الشريعة الاسلامية كاملة؟؟؟ ألا يكون الجواب آلاف السنين بل زد على ذلك  كثيراً إن لم يرحم الله الأمة بالمخلصين الذين لا يتخذوا البرلمانات سبيلاً ويحقق على أيديهم النصر وقد تحقق فعلاً على يد المصطفى الذي رفض بتاتاً أي مشاركة سياسية مع كفار قريش الذين عرضوا عليه الاستوزار والحكم بغير الدين.

وبدون أخذ تجارب أخرى نقول: إن من يقول بفكرة التدرج في تطبيق الشريعة قد يلتمس لنفس عذراً إن طبق 90% من أحكام الله وترك 10% لصعوبات يعمل جاهداً على تذليلها، ولكن بصره لا ينفك يراها ويرى الله يراقبه. من كان وضعه كذلك سنلتمس له عذراً، ونسأل الله له السداد في تطبيق ما تبقى.
أما من كان ولا يزال يتخذ فكرة التدرج في تطبيق الشريعة ذريعة وحجة يرد بها على الناس وهو يعلم أنه لن يطبق شيئاً، وهو يعلم أن النظام السياسي القائم الذي سمح له بدخول البرلمان لن يسمح له بتطبيق شيء، فبماذا سيقابل وجه ربه؟؟؟
بماذا سيواجون وجه ربهم أولئك النواب الذين قالوا للناس بصوت عالٍ "الاسلام هو الحل" وخاضوا سنة وسنتين وثلاثة وأكثر في البرلمان ولم يحلوا بالاسلام شيئاً، بل لم يدخل الاسلام في مداولاتهم، وربما ساعدت المناصب بعضهم على الارتداد عن خط دين الله كما هو فيس تركيا، فحزب العدالة والتنمية يقول للأمة التركية وللجيش بأنه أشد إخلاصاً منهم في الدفاع عن العلمانية والاخلاص لهادم دين الله مصطفى كمال ويجلس وصورته فوق رأسه. بماذا سيواجه هؤلاء ربهم؟؟

وربما الأهم ألا يتسائل المسلمون في كل مرة كم من الاسلام قد طبق سابقاً عبر تجارب مماثلة. وستكون النتيجة مخيبة للآمال.

ومن المهم ملاحظته أثناء مراجعة التجارب البرلمانية للحركات الاسلامية أن أي منها لم يكن مطلباً لهذه الحركات، فثورة الخبز في معان/ الأردن هي التي حملت الملك على الاسراع في التنفيس على الناس بالديمقراطية والانتخابات، أي أن الاخوان قد دفعوا في خطة الملك الجديدة ولم يرسموا هو خطةً ويسيروا بها. وفي مصر قد جرت الانتخابات بسبب الضغوط الخارجية التي مورست من أمريكا وغيرها على النظام بسبب القناعة الأمريكية وقتها بأن استبدادية الحكم هي التي تفرخ الارهابيين على حد قناعة الأمريكان وقتها، أي أن الاخوان قد ساوا في خطة رسمتها أمريكا لمصر، وفي فلسطين كانت المسألة أوضح فقد كانت وفود أوروبا وأمريكا تترى على اليهود والسلطة لعقد الانتخابات وإشراك حماس فيها، أي أن حركة حماس قد سارت في خطة أوروبية أمريكية من أجل حمكاية اسرائيل ودفع حركة حماس للعمل السياسي بديلاً عن الجهاد لتأمين اليهود، وحركة حماس قد شاركت في هذه الانتخابات بسبب قرار السلطة بعقدها وليس تخطيطاً من حماس. وهكذا في كافة البلدان الاسلامية.

والسؤال الذي يرد نتيجة لذلك: ألا يوجد في إسلامنا العظيم مخطط شرعي لنا للعمل، ألا يوجد إرشادات ترشدنا الى العمل الصحيح. وبالتأكيد يوجد لأن ديننا لم يبق صغيرة ولا كبيرة إلا وذكرها لنا وجعل سيرنا فيها رحمة لنا باتباعنا دين الله وتقريبنا من الظفر بالجنة. أما المخطط الذي رسمه لنا إسلامنا والارشادات التي أعطانا إياها فلسنا بصدد تفصيلاتها، ولكن يكفينا الاشارة قطعاً الى وجودها. وعند التيقن من وجودها نجد التعارض الحاسم بين انقياد الحركات الاسلامية وراء مخططات الكفار وأعوانهم وسيرها في مراكبهم علها توصل الاسلام الى النصر، وأنى لهم ذلك من كيد الكفار وأعوانهم. والأولى قبل البحث عن طريقة الاسلام هو الاقلاع عن طريقة الكفار وأعوانهم.

وليعلم ممثلوا هذه الحركات الاسلامية بأن الأمة حديثاً ومنذ 1989 ترقب أعمالهم وتقيمها وإن لم يكونوا هميقيموا أعمالهم، وأن الأمة قد اتضت لها الخطة بأنها وسيلة يستخدم فيها الدين "الاسلام هو الحل" أداة من أجل الوصول بالأشخاص لمناصب لا علاقة للدين بها ولا يخدم الدين من خلالها.
والفشل هو السمة الطاغية لكافة هذه التجارب، والمسلم لا يلدغ من جحر مرتين، فكيف به يلدغ منه مرات ومرات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق