الأحد، 20 مارس 2011

الجرائم اليهودية في غزة

19 كانون الثاني 2009

ماذا بعد الدم إلا الدم

أعلن اليهودي الأعمى أولمرت ووزير حربه باراك وقف إطلاق النار من جانب واحد في غزة، وقد قدم هذا الأعمى اعتذاراً لشعب غزة على ما ألّم بهم نتيجة ما أسماه أخطاء حماس وكرر أن جيشه كان يستهدف إرهابيي حماس فقط. وعلى الرغم من أن الكثير الكثير سيقال في موضوع الحرب على غزة إلا أن هذا أي دماء المسلمين التي أريقت ولا تزال يجب أن يكون الموضوع الأول بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى.
إن هذه الحرب والتي جمعت أقبح الأخلاق العسكرية ربما عبر التاريخ وجمعت معها أسحلة فتاكة وفي مساحة بالغة الضيق بحيث لا مفر من صواريخ الطائرات إلا الى قذائف المدفعية والزوارق البحرية، واكتملت الصورة تماماً بما يملكه أهل غزة ومقاتلو حماس من أسلحة لا ترد فتك اليهود بشيء.


ها هي هذه الحرب تضع أوزراها بعد أن أوغل اليهود في دماء المسلمين ايما إيغال، نساء تصرخ من البيوت تطلب الانقاذ، وأطفال يحملون أطفالاً في محاولة للهرب من جحيم النيران التي يقذفها اليهود من البر والجو والبحر، فكانت أبلغ نموذج للمثل ما يسقط من السماء تحتمله الأرض ولو كانت هذه الأرض تملئها مجموعات الأطفال الفارين من ذلك الجحيم أو قطيع من النساء والشيوخ الذين يصرخون بأعلى صوتهم (يا الله… يا الله)، وهذه المشاهد الكثيرة التي نقلتها شاشات التلفزة فكان مشهد كل يوم أبلغ من مشاهد الأيام الفائتة، ولست بصدد استرجاع الصور غير الغائبة عن الأذهان من اللحوم المتفخمة والعضلات الذائبة والأطراف المبتورة والعيون المفقوءة ودماء نساء الاسلام التي تسيل على وجوههن، ولا الجثث المتحللة التي لم يتمكن أحد من جمعها ودفنها لأيام طويلة، كل ذلك قد تمت مشاهدته عبر الشاشات، ولكني أقول ما يلي:

أولاً: إن أعداء الله –اليهود قد تمادوا كثيراً في هذه الحرب، وربما لسنا بحاجة الى شهادة بان كي مون ليقول بأن هذا العنف الجاري في غزة لم يحصل مثله منذ عدة عقود لنؤكد على ان تلك المشاهد فعلاً من المشاهد النادرة لمدى ضراوة الحرب التي تشن من طرف واحد لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة وتحت عيون كاميرات التلفاز. ويجب أن نتذكر أن التاريخ الحديث لم يشهد مثلها إلا ربما في حرب الفلوجة سنة 2004 والتي منعت منها الكاميرات وظلت طي الكتمان، بل إن الجيش الأمريكي المجرم لم يعترف باستخدامه القذائف الفوسفورية إلا بعد عام. وربما تميز صورة هذه الحرب في غزة يجب ان تقول لنا (لا تنسوا أبداً) لا سيما وأن أي حدث فيها لم يشف صدور قوم مؤمنين، فلم يحصل أي عمل وأي رد يرد ولو جزئياً على هذه الدرجة العالية من إجرام يهود، فبقيت القلوب بالغةً حناجر أصحابها لم تنزل بعد.

ثانياً: لقد بلغ من شدة ضعف اليهود أن إجرامهم هذا قد فاق كل التصورات والتوقعات حتى استاء منه أصدقائهم، وإن كنا هنا لا نريد التأكيد على تدني أخلاق اليهود العسكرية فوق ما هي منحطة أصلاً، وهذا معروف عبر كافة حروبهم وقد زادوا عليه في حرب غزة زيادة كمية من الدناءة والانحطاط، وقد بلغت هذه الأخلاق أسفل سافلين بما حظيت به هذه الحرب من إجماع شعبي منقطع النظير، فلم يسمع صوت رشيد فيهم يحذر من معاظمة هذه المشاهد لمخزون الحقد والكراهية المتولدة في صدور أمة الاسلام التي تحاول كسر أغلال حكامها عنها والاقتصاص من اليهود. وهذه الأخلاق ستدفع المسلمين للنيل منهم والتسريع في ذلك وعلى كافة المستويات حتى يرد صاعهم بعشرة أمثاله.

ثالثاً: لقد رسمت هذه الحرب ملامح لصمود المسلمين وأنهم أهل تحمل وصبر لا أهل استسلام، وهذا للأمة في غزة بشكل عام وللمقاتلين الذين يبحثون عن النصر أو الشهادة بشكل خاص. وهذه الحرب غير المتكافئة أبداً تقول بأن الحروب الجورجية (عندما دخلت روسيا واحتلت ما احتلت من جورجيا وانتهت بذلك) لا تعرفها بلاد المسلمين بسبب تعاظم الاسلام في نفوس الناس وما يزرعه من بذور الاستئساد والاتكال على من يملك الآجال والأرزاق، وإلا فبكل المفاهيم العسكرية الغربية كان يجب على أهل غزة والمقاتلين الاستسلام، وهذا الصمود ذاته الذي حصل في العراق وأفغانستان بما يقول للكفار بأن الحيوية العقائدية قد بدأت فعلاً تدب في الأمة الاسلامية التي لا تخشى الموت. وهؤلاء المقاتلون كما أمثالهم في العقيدة في أفغانستان والشيشان والعراق قد أصّلوا من مفهوم الجهاد والقتال في الاسلام بما يزيد العدو رهبة من منازلة المسلمين. وقد كان ذلك واضحاً في درجة الخوف التي لفت جنود اليهود وحجبتهم عن النزال رغم ما يملكونه من أسلحة فتاكة مقابل أسلحة خفيفة ومتوسطة للمقاومة في غزة.

رابعاً: يظن الآن قادة الدولة المجرمة اسرائيل بأنهم قد أعادوا لجيشهم قوة الردع، وهم لا شك كانوا يزيدون في القتل ويكثفون في النيران وينوعون في القذائف الكيماوية وغيرها بما يحقق إرهاب المسلمين ليس فقط في غزة، وإنما يشردون بهذا الارهاب من هم خلف غزة من المسلمين. وعلى الرغم من أن هذا المفهوم يعيش في أذهان يهود منذ تأسيس دولتهم وهم أكثر دول العالم حديثاً عن قوة الردع، وعلى الرغم من تآكل تلك القوة باعترافهم هم  عبر تحدي أطفال فلسطين لجنودهم وخلال حرب لبنان 2006 إلا أنهم يظنون أنهم قد أعادوا لدولتهم هيبة بين المسلمين تردعهم عن التفكير في مهاجمة اليهود. وبهذا وجب القول:
 كيف كان بامكان المعركة أن تسير لو وجدت طائرات اعترضت طائراتهم، ودبابات اعترضت دباباتهم، ونيران تسقط بين اليهود كالنيران التي تسقط بين المسلمين في غزة، أقول وبكل ثقة بأن اليهود عندها سيستسلمون بالتأكيد، فشبقهم بالحياة قد حملهم على منع وسائل الاعلام من تصوير أماكن ضرب الصواريخ المنطلقة من غزة، والتي ربما لا تحمل من الصواريخ إلا الاسم، ولكنها قد أرهبتهم إرهاباً شديداً. لذلك كله فإن اليهود بأعمالهم قد رسموا صورة جديدة من الاجرام العالي في قصفهم للمنازل والأسواق والجامعات وأكبر من ذلك لبيوت الله، فقد كانوا يتعمدون قصف المصلين في المساجد أوقات صلاة الجماعة لإيقاع أكبر عدد من القتلى. ومجمل القول أن هذه الحرب قد فاقمت في بشاعة صورة اليهود في العالم بحيث أنها لا بد عاملة من حيث لا يدرون على تسهيل انتزاعهم من هذه الأرض عندما يشاء الله، ولم تزدهم رهبةً أبداً في قلوب المسلمين، بل زادت من استهتار المسلمين لهم لا سيما والمسلمون يرون خوف يهود وجبنهم عن الاشتباك الحقيقي مع المجاهدين. وإن كانت تقول للمسلمين من زاوية أخرى بأن الاجرام اليهودي لا حد له، وهذا يجب أن يدفع الى الاسراع في منازلة اليهود حين تبرز أول قوة للمسلمين ومعاملتهم بما هم أهله من الغدر والاجرام وليس بما المسلمين أهله من أخلاق عالية في حروبهم، وذلك من باب الرد بالمثل وهو واجب أيضاً حتى يفكر المجرمون ألف مرة قبل الايقاع بالمسلمين. وهذا يراه كثيرون حلماً ويراه اليهود كذلك، ولكن المستبشر بنصر الله يراه قريباً وأنه سيبرز فجأة كالبركان الذي لا يبقي ولا يذر.

خامساً: إن قدر الله تعالى هو الذي ساق لنا اليهود ليسومونا سوء العذاب بما ضيعنا من حكم الاسلام وانتشار القومية والاشتراكية والوطنيات فينا، وأقصد هنا بقدر الله بمعنى علمه ليس إلا، وربما هذا (أي درجة الاجرام المرتفعة ليهود) تحدث في أمتنا هزات شديدة تخض الراكد وتكشف المستور، وهي فعلاً كذلك لتعيدنا في نهاية المطاف الى أصولنا وجذورنا التي أمرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن نعتصم بها وأن نشرب من ينبوع القرآن الصافي.

سادساً: لقد فاضت أعيننا دعاءً لنصرة المسلمين في غزة مجاهدين ونساءً وأطفالاً ورجالاً وأردنا أن نرى في يهود المهاجمون لغزة عجائب قدرة الله، وقد زادت ثقتنا بأن الله واهب لنا هذا النصر وإن جزئياً ليشف صدور قوم مؤمنين بما رأيناه من استبسال في المعارك القليلة التي حصلت رغم القذائف التي تنهمر من كل حدب وصوب ومن فوق الرؤوس ومن تحت الأقدام. ولكن الواجب ذكره هنا والذي لا يمكننا أن نهمله، وهو الثناء الكبير والعرفان العظيم الذي سمعناه من خالد مشعل لزعماء الرقص والخيانة والزنا في قمة الدوحة، وبدا للواعي السياسي بأن حفنةً من أمثاله يريدون أن يجيروا كل هذه التضحيات والدماء الزكية التي تفوح منها رائحة الشهادة بإذن الله، يريدون أن يجيروا ذلك من أجل هدف متناهي الدناءه والانحطاط وهو إدخال تنظيم اسلامي في منظومة النظام الرسمي العربي نظام سايكس بيكو. وأمام مشاهد قمة الدوحة البائسة والسباق اليها من تنظيمات يظن بها الناس خيراً لجهاد أفرادها، يقف المرء متعجباً مما يراه، ويدرك لماذا يتأخر النصر عن هذه الأمة ولو جزئياً، وكأن أمثال هؤلاء القادة لم يعرفوا عظمة الاسلام في الأمة لذلك تجد أحلامهم تقف عند المعابر ومشاركة ملوك السفلس في قممهم التافهة تحت إغراء من يمثل الفلسطينيين؟.

وإذا كنا نجزم بأن نصر الله لا يعطى إلا للمخلصين من الأفراد والقادة على حد سواء فإن هذا يدعونا الى تنقية قلوبنا وإزالة غبار الدنيا عن همومنا وأن نوحد توجهنا وبشكل عملي لله وحده، وهذا الكلام وإن كان لا يختلف عليه الناس إلا أن إيجاده عملياً في واقع حياتهم ليس بالأمر الهين، فمن أراد النصر فعليه بتنقية نفسه حتى يكون أهلاً لنصر الله له ولمن يناصر.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق