الأحد، 20 مارس 2011

الفراغ في المنطقة الاسلامية

إن من أخطر الأوضاع السياسية وجود الفراغ، فهو مناخ قاتل للسياسيين يمنعهم من تنفيذ سياساتهم . والمنطقة الاسلامية عموماً والعربية خصوصاً كانت الدول الراسمالية والصراع الناشء بينها ووجودها الكثيف في المنطقة يملأ الفراغ بشكل كامل. فبعد أن غاب السياسيين المحليين عن الساحة على أثر هدم الخلافة الاسلامية وبرزت طبقة أزلام الاستعمار صار الاستعمار هو الذي يسير أمور المسلمين بشكل مباشر كما في لنصف الأول للقرن العشرين أو بشكل غير مباشر كما بعدها وحتى الآن.
لكن الجديد هو أن الدول الغربية واسرائيل لم تعد بقادرة على ملئ الفراغ الجديد الناتج بعد 11 سبتمبر ، وهذا الفراغ على النحو التالي:
الفراغ الايديولوجي فبعد سقوط الاشتراكية في موطنها أصبحت ساحة الصراع الفكري في العالم الاسلامي محصورة بين الاسلام والحركات الاسلامية المخلصة من جهة وبين الحكومات وما تمثله من بقايا النظام الرأسمالي في المنطقة، واختفى اليسار والأحزاب الشيوعية.
والأخطر فيما بعد هو تعرض المنطقة برمتها الى محن شديدة أدت الى تعرية حكام المنطقة بشكل لم يكن أبداً من ذي قبل، وبرز الحكام بشكل سافر على أنهم عوناً للكافر المستعمر ضد أبناء بلدهم وضد الاسلام، فانتزعت ثقة بعض شرائح الأمة التي كانت لا تزال تثق بهؤلاء الحكام، والأكثر أن الأمة كانت تنتظر من حيوش هؤلاء الحكام الدفاع عن بلادهم ضد الغزوة الأمريكية على أفغانستان والعراق، ولما لم تفعل شيئاً والتزمت صمتاً مقيتاً وكأنها غير موجودة، فبرز فراغ قيادي قاتل وكأن الحكام قد اختفوا من ساحة القيادة والمسؤولية تماماً، وبرزت الجيوش وكأنها مشلولة عن العمل فبرز أيضاً الفراغ العسكري وطغى على المنطقة.
وفوق كل ذلك تعرضت المنطقة لنكسات في أسواق المال أدت الى إفقاد الناس أموالهم لصالح فئة غنية مربوطة بالغرب المستعمر أو في أيدي شركات مالية غربية بشكل مباشر كما في اندونيسيا مع مجموعة سورس الأمريكي، وارتفعت أسعار السلع بشكل يهدد معيشة المواطنيين. وهذه مؤشرات قوية على فراغ استراتيجي في معظم مناطق العالم الاسلامي.
وبهذا الفراغ الشامل الايديولوجي والسياسي والقيادي والعسكري والاستراتيجي فإن المنطقة قد أصبحت في انتظار من يملأ الفراغ، ولو انتصرت الجيوش الأمريكية في العراق وأفغانسشتان واستقرت الأمور العسكرية وبعدها السياسية لأمريكا وأزلامها لتم ملأ الفراغ، لكن المنطقة ازدادت استعصاءً على الأمريكيين وغيرهم، لا سيما أن اسرائيل قد حاولت الشيء نفسه في لبنان وفشلت هي الأخرى فشلاً ذريعاً. ويعبر أحد الكتاب اليهود عن ذلك بقوله: إن أخطر ما نتج عن حرب أمريكا على العراق أن الأصوليين المسلمين لم تعد تخيفهم قوة أمريكا العسكرية .
وفي الأعراف السياسية وقوانين المجتمعات التي أودعها الله فيها أن قوة ما يجب أن تملأ هذا الفراغ، فوجود الفراغ مدعاة لنشاط وتقدم قوة قابلة للنجاح لملأه، ومن يمعن النظر يجد أن القوة الوحيدة القادرة على ملأ هذا الفراغ هي قوة ذاتية تتشكل من ابناء المسلمين وتصل الى قيادة الدولة  وهذا القوة هي قطعاً دولة الخلافة الاسلامية والتي ينتظر إعلانها بين الفينة والأخرى من احدى الجماعات المخلصة العاملة لها والمؤهلة للنجاح الحقيقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق