الأحد، 20 مارس 2011

زلزال المقاومة العراقية كتاب جديد في الأسواق

المؤلف: عصام الشيخ غانم
صادر عن مطبعة الأدب في أيلول 2007
رام الله
عدد صفحات الكتاب: 224

يتعرض الكاتب عصام الشيخ غانم/فلسطين الى موضوع المفترق التاريخي الذي يقف العالم برمته أمامه نتيجة الغزو الأمريكي في العراق، فيبين كيف قامت أمريكا باختيار العراق ليكون بداية التنفيذ لمشروع أمريكي كبير يغطي منطقة الشرق الأوسط برمته، ويبين عناصر الاستراتيجية الأمريكية في العراق من السيطرة على منابع النفط واستغلال التركيبة السكانية المتميزة للعراق من أجل جعله البداية في عملية هدم الحدود المتوارثة عن سايكس بيكو ورسم خريطة الشرق الأوسط الجديد وفق المفاهيم والمصالح الأمريكية وإشعال الحرب تلو الحرب في المنطقة من أجل ذلك وحمل المنطقة على أن تحرق نفسها بنفسها بحروب أهلية وإقليمية متتالية وإنتاج كيانات جديدة بشكل يعمل على تأبيد النفوذ الأمريكي في المنطقة وتسهيل هضم المنطقة للكيان اليهودي من ناحية، ومن ناحية أخرى يعمل على منع العملاق الاسلامي من البروز أو تأخير ظهوره على الأقل . ويقول الكاتب:  
"لم تلاق أمريكا نجاحاً قط في سياستها الدولية كمثل الذي لاقته مع بدايات هذا القرن، لا سيما بعد 11 سبتمبر 2001، وكان ذلك ناتجاً عن سببين: الأول عدم قدرة أي من دول العالم على منافسة العملاق الأمريكي عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، والثاني سيطرة المحافظين الجدد على الحكم في واشنطن. وهذان الأمران قد دفعا أمريكا لرسم خريطة القرن الأمريكي الجديد، والبدء في تنفيذ فعلي لهذه الاستراتيجية.
كانت بداية التنفيذ الحالم لهذه الاستراتيجية في أفغانستان، وكانت خطوة ناجحة تماماً، واندفعت أمريكا بهذا النجاح السهل خطوات أكبر إلى الأمام وأكثر ثقةً بالنفس، وبجرأة كبيرة قسمت العالم الى معسكرين: معسكر الارهاب أو محور الشر، ومعسكر أمريكا وحلفائها، وطالبت جميع أمم العالم بالانطواء تحت قيادتها في مواجهة الشر والإرهاب، فأوجد بذلك رعباً عالمياً غير مسبوق مما أجبر الكثير من دول العالم على السير خلفها في سياساتها وحروبها، فبدت العشرات من حكومات العالم العظمى والصغرى وكأنها مرافق تابعة لوزارة الخارجية والدفاع الأمريكيتين تردد تصريحاتها السياسية ضد الارهاب وتجيش الجيوش معها لحرب الارهاب ومحور الشر".
ويرى الكاتب أن غزو العراق قد أتاح لأمريكا فعلاً أن تصل الى أقصى عظمتها قبل أن تحملها المقاومة العراقية على النزول من تلك القمة، فيقول: "كان يوم 9 نيسان سنة 2003 يوم الذروة للعظمة الأمريكية، حينما دخل الجيش الأمريكي بغداد واحتلها بسهولة كاحتلال أفغانستان، فوصل مجد أمريكا في ذلك اليوم عنان السماء، وبسيطرة الجيش الأمريكي على قلب الشرق الأوسط أصبح القرن الأمريكي الواعد حقيقةً بعد أن كان حلماً. وذلك أن النفط كله قد أصبح تحت أقدام أمريكا في المنطقة وبه أصبحت تمسك شريان الحياة الاقتصادية للدول الأوروبية واليابان والصين، وأصبح العراق قاعدة عسكرية ضخمة لأمريكا تستطيع منها العمل ضد الأخطار الاسلامية القادمة، وأما نفوذ الدول الأخرى فقد تميع وكاد أن يذوب في الخطط الأمريكية الهجومية والمتلاحقة للشرق الأوسط الكبير والجديد ودعواتها للاصلاح والديمقراطية، وكان وقع هذا الهجوم غير العسكري في الشرق الأوسط كوقع هجوم الجيش الأمريكي في العراق، وكان من الطبيعي أن تسير أمريكا لتكريس وتأبيد نفوذها في المنطقة وانتفضت على تسويات سايكس- بيكو فوضعت الخرائط الأمريكية الجديدة على الطاولة، وسيطر الرعب الأمريكي وأطبق في الشرق الأوسط على الحكومات والشعوب، وارتعبت باقي دول العالم من نوايا أمريكا، والتي أصبحت لاعباً وحيداً في الساحة الدولية كلها".
 ويشرح الكاتب الظروف الجديدة والمناخ السائد في الشرق الأوسط ويقول: "فإن أمريكا لم تأخذ بعين الاعتبار الأجواء الاسلامية التي تسخن يوماً بعد يوم في الشرق الأوسط، وتتأهب لوضع المشروع الاسلامي الكبير في مواجهة أمريكا ومشاريعها، وبعد حرب أفغانستان واحتلال العراق وانكشاف الفظائع الأمريكية فقد ارتفعت درجة الحرارة في الشعوب الاسلامية حتى اقتربت من الغليان، ولم يكن الميزان الأمريكي يشير الى شيء جدي من ذلك، وانطلقت المقاومة العراقية في مناخٍ تأججت فيه الروح القتالية الاسلامية ضد أمريكا داخل العراق ومن حول العراق.
وهكذا اندلعت المواجهة الكبرى بين أمريكا وهي في عنفوان نصرها ومجدها وبين هذا المارد العملاق الذي شق طريقه للمواجهة بشكلٍ مباغتٍ من بلاد الرافدين، ومع مرور الشهور تبين أن هذا المارد العملاق قد خلع ثوب البعث واكتسى ثوب دينه الأصيل. اندلعت هذه المواجهات في كل شارع وفي كل زقاق، وفي كل مدينة واهتز الجيش الأمريكي وسقطت الكثير من أوراقه على الأرض، وجمعت في نعوش تحمل الى واشنطن، فاهتز البنتاغون، واهتزت تبعاً لذلك وزارة الخارجية في واشنطن فسقطت عن طاولتها أوراق المشاريع للشرق الأوسط، واهتز البيت الأبيض وسقط الكثير من أركانه أمثال ريتشارد بيرل وبول وولفويتز في الضربات الأولى، وفي الضربات الارتدادية لحقت بهم الدفعة التالية أمثال رامسفيلد وزير الدفاع وبولتون المندوب الأممي وجون أبو زيد القائد العسكري واستمر السقوط بلا توقف. أما السبب فإنه الزلزال الذي حل بأمريكا وجيشها ومشاريعها، زلزال المقاومة في العراق.
واستمرت الأركان المزلزلة في العراق تحشو الأرض بالمتفجرات حتى يستمر الزلزال دون توقف، ويستمر اهتزاز الجيش الأمريكي ويسقط متمرغاً في رمال العراق، لتهتز معه الدنيا بأسرها، وتنظر تبحث عن المارد العملاق الذي لم يكن أبداً بهذا الحجم في حسبان أحد، فتعلم أنه الجيش الاسلامي في العراق وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وكتائب ثورة العشرين وجيش المجاهدين وجيش الراشدين وأنصار الاسلام وأنصار السنة وجامع وغيرها كثير من الأسماء المجيدة التي هزت أركان الدنيا بالزلزال الذي فجرته في وجه أمريكا ووجه مشروع قرنها الجديد".

يصور الكاتب واقع الورطة الأمريكية في العراق وأن المقاومة العراقية قد كشفت مراكز ضعف خطيرة في العملاق الأمريكي أدت الى تراجع أمريك شامل ليس مقصوراً على العراق وحده، فيقول: "رأى العالم كله حقيقة الدعوات الأمريكية بالديمقراطية وحقوق الانسان في العراق في الصور التي خرجت من سجن أبو غريب ومن شوارع الدم في العراق الذي أرادته أمريكا نموذجاً للديمقراطية تحتذي به دول المنطقة، ورأى العالم كذلك ضعف الجيش الأمريكي وتبددت أسطورة التكنولوجيا العسكرية المتقدمة في مواجهة الأسلحة البدائية التي حملها رجال لا يهابون الموت في سبيل الله، ورأى الزلزال الذي ضرب أمريكا وقرنها الجديد، فتحسس طريقه للقضم من النفوذ الأمريكي في العالم فخسرت أمريكا في لبنان وفي الصومال وفي دارفور وفي موريتانيا وفي اوزبكستان وغيرها كثير، وأصبحت الدول العظمى أقدر على المنافسة بسبب هذا الزلزال، بل وأصبح استبدال النظام الدولي الذي تفردت به أمريكا بنظام متعدد الأقطاب يتبلور شيئاً فشيئاً، لا سيما وأن أمريكا تستنجد بدول الناتو وبغيرها لمواجهة التشدد الاسلامي وتهدد كافة دول العالم الغربي بأنها إذا لم تنخرط ومن الآن في هذه المواجهة فإن "الأصوليين المتشددين" سيتمكنون من بناء دولة الخلافة الاسلامية من اندونيسيا الى إسبانيا وعندها ستندلع الحرب العالمية الثالثة".
يقسم الكاتب كتابه الى خمسة فصول، يبدأ الفصل الأول بالظروف الدولية والاقليمية التي ساهمت في تسهيل التدخل العسكري الأمريكي في العراق وكذلك الاستراتيجية الأمريكية للعراق، ويتحدث في الفصل الثاني عن تفاصيل أحداث وتشكيلات المقاومة العراقية، وفي الفصل الثالث يتحدث عن الآثار الخطيرة التي عصفت ولا تزال تعصف بعظمة الولايات المتحدة الأمريكية بسبب العراق من انهيار في القيم الأمريكية والتي كشفتها الأحداث في العراق، وتعرية الآلة العسكرية الأمريكية بفعل المقاومة ما كشف حدود القوة والضعف للجيش الأمريكي ويبين كذلك احتمالات الهزيمة العسكرية للجيش الأمريكي في العراق، وفي الجانب السياسي يركز الكاتب على تراجع خطير للمشاريع السياسية الأمريكية في الشرق الوسط برمته بسبب الفشل في العراق. وفي الفصل الرابع يبين الكاتب أثر المقاومة العراقية على الموقف الدولي برمته وكيف أن الولايات المتحدة تفقد نفوذها الدولي بسبب ورطتها في العراق. وأخيراً يفرد الكاتب الفصل الخامس لبيان كيف أن الأحداث في العراق قد أوجدت فراغاً شاملاً في المنطقة الاسلامية قاطيةً وأن هذا الفراغ لم تستطع أي من دول العالم حتى تلك المنافسة لأمريكا أن تملأه ناهيك عن القوى الاقليمية، وأن هذه الأحداث في العراق وما تبعها قد أزالت الأتربة والغبار عن العملاق الاسلامي الذي أخذ يشق طريقه للظهور فيقول :"أما في الشرق الأوسط فقد نتج عن الزلزال المستمر فراغ عسكري وسياسي واستراتيجي وقيادي شامل، وأن المناخ قد أصبح مهيأً بشكل غير مسبوق لبروز القوة القادمة: دولة الخلافة الاسلامية، وطرد النفوذ الغربي بشكل شامل من المنطقة وهدم الحدود وتوحيد الأمة الاسلامية".
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق