الأحد، 20 مارس 2011

توقيع معاهدة سلام بين اليهود والنظام السوري قريباً

3/3/2008    

المفاوضات السورية الاسرائيلية جارية على قدم وساق

ذكرت صحيفة هارتس الاسرائيلية يوم الجمعة 29/2/2008 أن لقاءً قد تم بين مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية سابقاً ألون ليئيل وبين عماد مصطفى السفير السوري في واشنطن بخصوص المفاوضات السورية الاسرائيلية وأن الأول قد رفع تقريراً بهذا الخصوص لوزارة الخارجية في تل أبيب. وفي اليوم التالي نفى مصدر إعلامي سوري وصف بالمسؤول هذه الأنباء.
وهذا النبأ يجب أن يفتح آفاق التفكير في مجريات ووضع المفاوضات مع اليهود نظراً للكثير من المستجدات الكبيرة، ونقلت هذه المستجدات الكبيرة أهمية السلام السورية مع اليهود من مصلحة حيوية للنظام السوري الى مصلحة كبرى للادراة الأمريكية وبعد ذلك الى مصلحة فائقة الحيوية بالنسبة للكيان اليهودي، وبهذه المستجدات فإن تحقيق السلام قد صار مسألة وقت ليس إلا.

وتفصيل ذلك، أن العامين اللاحقين لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق الحريري كانتا الأكثر عجافاً للنظام السوري فقد أجبر وبإذلال على ترك لبنان وأصبح الأكثر تخوفاً على مصيره ووجوده نظراً للضغوط المتعاظمة والقابلة للإنفجار في أي لحظة بسبب لجنة التحقيق الدولية في إغتيال الحريري، وبسبب استمرار اللسعات الأوروبية إنطلاقاً من لبنان وتخوف النظام السوري من الاتصالات الدولية مع البيانوني (زعيم الاخوان المسلمين) في لندن ومع عبد الحليم خدام في باريس. ومن ناحية أمريكا فقد كان النظام السوري لا يأمن رضا الولايات المتحدة التي كانت تأمره بالاصلاح السريع وكشف غطاء وجهه، ولما لم يكن قادراً على القيام بذلك فوراً فإن تخوفاته من مغامرات أمريكية لاستبداله قد تعزز لا سيما وأن ضعف النظام (قياساً بقوة والده حافظ الأسد) قد أدى طبيعياً الى بروز مراكز ثقل أخرى بعيدة عن الرئاسة في دمشق في الاستخبارات وغيرها وكلها على ولاء أمريكا فكان تخوفه من أن يتم استبداله تخوف فعلي، وأصبح النظام السوري يشكو علناً من تيارات معادية في واشنطن. وكان النظام السوري يرى أن أمريكا قد ساعدت بشكل أو بآخر أوروبا في إخراجه ذليلاً من لبنان، إذ كان ممكناً أن يتم جدولة الانسحاب على فترة أطول أو الإبقاء على جزء من الجيش السوري في لبنان ولو بعيدة عن بيروت، ففهم النظام السوري بأن واشنطن تعيد النظر كلياً بترتيباتها في المنطقة وأن غيابه ونهايته ممكنة ضمن الترتيبات الجديدة لا سيما وأن الولايات المتحدة لم تعد تميز في تلك الفترة بين التابعين لها أو لغيرها فكلهم يجب أن يخدموها راكعين لا واقفين، فزادت هذه الهجمة الأمريكية التي تلت حرب العراق 2003م على الأنظمة العربية للاصلاح والديمقراطية من قناعة النظام السوري بقرب أجله.

وبما أن طبيعة هذا النظام جامدة أصلاً فكانت حركته للدفاع عن وجوده حركة في خنادق متأخرة للدفاع، فقبل الخروج من لبنان تماماً كما طلب منه، وأخذ يصور الحدود السورية العراقية طمعاً في إقناع التيار المتشدد في أمريكا بأن سوريا تقوم بواجبها تماماً في منع المقاتلين من عبور حدودها الى العراق، وأنشأ غرفة عمليات ساخنة مع وزارة الداخلية العراقية لمتابعة المجاهدين العرب في العراق، وكان وليد المعلم (وزير الخارجية) أول مسؤول عربي (بعد عمرو موسى) يزور بغداد من أجل إرضاء واشنطن. وفي صيف 2006م لم يظهر النظام السوري أي مبادرة لصد الغزو الاسرائيلي للبنان وكانت اسرائيل تستفزه بقصف الحدود السورية اللبنانية وقتلت عشرات السوريين في شمال لبنان.

راى النظام السوري أن فتح المفاوضات مع اسرائيل يشكل له طوق النجاة من الأفول وعاملاً قوياً في فك عزلته الدولية، وبعد هزيمة اسرائيل في لبنان بعد أن أبلى مقاتلو حزب الله بلاءً حسناً طرح بشار الأسد لاسرائيل السلام باعتباره بديلاً لمثل هذه الحروب، وأصبح تلهف النظام السوري للسلام مع اليهود ظاهراً غير خفي.

هذا على الجانب السوري، أما على جانب الادارة الأمريكية فقد كانت جرأة المقاومة العراقية في تحدي أمريكا وجيشها، فكانت تلك المقاومة القوة الوحيدة في العالم التي تجاهر بتحدي الولايات المتحدة فعلياً وتكبدها الخسائر تلو الخسائر، حتى وصل الأمر في العراق وبشكل لم يكن متوقعاً أبداً بعد استسلام الجيش العراقي ودخول بغداد في نيسان 2003 الى التعادل العسكري بين المقاومة العراقية والجيش الأمريكي، فلا المقاومة بقادرة على إخراج الجيش الأمريكي ولا هذا الجيش بقادرٍ على استئصالها، واستمرت الحرب في العراق والجيش الأمريكي يتكبد أفظع الخسائر. رأت الادارة الأمريكية أن توقيع معاهدة سلام بين سوريا وإسرائيل ستؤدي الى نقل قطاعات الجيش السوري من حول الجولان الأمر الذي لا يمكن لسوريا القيام به قبل ذلك، وإذا ما تم ذلك بتوقيع معاهدة السلام فإن هذه القطاعات العسكرية السورية يمكنها أن تنتقل لحماية الجيش الأمريكي في العراق أي فرض حراسة مشددة على الحدوةد العراقية السورية ومنع عبور المجاهدين منعاً تاماً، وربما فكرت أمريكا بما هو أبعد من ذلك بإدخال الجيش السوري للمناطق السنية في العراق. وكانت هذه المسألة مركزية بالنسبة لتفكير الادارة الأمركية التي انتقلت لحل النزاع العربي الاسرائيلي بفعل أعباءها في العراق، وكانت أمريكا تعمل على المسارين الفلسطيني والسوري.

 أما المسار الفلسطينية فقد اقتنعت أمريكا بأن حل القضية الفلسطينية يوفر لها مناخاً ايجابياً للعمل في المنطقة ويخفف من عداء المسلمين لها ويساعدها على حمل أنظمة عربية للتدخل القوي لثني المقاومة العراقية عن قتال الجيش الأمريكي. وكان حل القضية الفلسطينية مطلباً من كافة حكام العرب الذين ينصحون أمريكا بأن التهديد الأكبر للمصالح الأمريكية في المنطقة ولهذه الأنظمة أو ما يسمونه التطرف الاسلامي الذي عاظم العراق من أخطاره عليهم ناتج عن عدم حل القضية الفلسطينية، فانطلقت أمريكا تروج لسلام الشرق الأوسط. وبهذا فإن السلام بين سوريا واسرائيل أولاً ومع الفلسطينيين ثانياً قد أصبح مطلباً حيوياً أمريكياً. وكانت زيارة نانسي بيلوسي لدمشق تمهيداً لتطبيع العلاقات السورية مع واشنطن وتحدثت الأنباء بداية العام 2007م عن مسؤولين يلتقون ووسطاء بين سوريا واسرائيل وكان أشهرهم زيارة الأمريكي السوري ابراهيم سليمان للكنيست الاسرائيلي، وهو المشهور بعلاقاته الخاصة مع دائرة الحكم في دمشق، ثم اختفت هذه الأخبار عن وسائل الاعلام وخيم صمت كبير.

 أما على الجانب الاسرائيلي فقد كانت الانتفاضة الفلسطينية المسلحة المندلعة منذ سنة 2000م قد باعدت كثيراً أنظار اليهود عن المسار السوري، وأصبح أول همهم إخماد الانتفاضة الفلسطينية، وبقي الوضع هكذا حتى قفز الى السطح عاملين قد قلبا توجهات اليهود بالكامل، وهما:
1.      حرب 2006م مع حزب الله- قضت نتيجة هذه الحرب على آخر ما تبقى من قوة الردع الاسرائيلية التي بنتها بالتعاون مع خيانة الحكام العرب لعقود، فلم تعد اسرائيل مرهوبة الجانب، وعلى الرغم من إقرار اليهود لذلك سابقاً في مسألة النزاعات منخفضة القوة كالانتفاضة الفلسطينية ولم يعد الفلسطينيون منذ 1987م يهابون جيش اليهود، إلا أن اليهود كانوا يظنون أن العرب والجيوش العربية لا يزال الجيش الاسرائيلي يرهبها ويردعها عن أي تفكير بمهاجمة اسرائيل. ولكن عندما فشل 30 ألف جندي إسرائيلي على البر (باستثناء القوات الجوية) باختراق دفاعات مئات قليلة من المقاتلين من حزب الله فقد سقطت قدرة الردع بكاملها التي كان يتمتع بها جيش اليهود. وكان أمام اسرائيل احتمالين لرد الاعتبار: حرب ثانية أو محاصرة حزب الله عن طريق سلام مع سوريا لمنع إمدادات الحزب من إيران وربط سوريا باتفاق ملزم في ذلك، ولما لم تكن الدولة اليهودية واثقة بنتيجة الحرب القادمة بعد أن كشفت الأولى عن ترهل خطير في جيشها وأثبتته باعترافها (لجنة فينوغراد) فقد صارت تنظر الى السلام مع سوريا بأهمية فائقة بسبب قوة حزب الله في لبنان.
2.      خلال سنة 2005م وما بعدها أصبحت قوة إيران ظاهرة، وصارت تصريحات الرئيس أحمدي نجاد لا تنفك تركز على انكار المحرقة ومحو اسرائيل من الخريطة وإعلان الانجازات العسكرية الايرانية. رأت اسرائيل أنها أمام انقلاب موازين القوى في الشرق الأوسط لصالح إيران وأن نجاح البرنامج النووي الايراني سيؤدي الى وضع اسرائيل تحت رحمة طهران فتفقد أي معنى للردع حتى بامتلاكها الأسلحة النووية، وتحدث اليهود عن "حرب يأجوج ومأجوج" مع إيران. وبهذه الأخطار الايرانية (التي أوجدتها واشنطن) فإن أخطار الفلسطينيين بل وحزب الله قد تقزمت أمام هذا الخطر الوجودي من وجهة النظر الاسرائيلية، فأصبحت اسرائيل تجوب الدنيا من واشنطن الى العواصم الأوروبية الى غيرها من أجل إقناع المسؤولين بوجوب الحرب على إيران. وكانت أمريكا تبدي لاسرائيل استعدادها لتلك الحرب بشكل بالغ التلاعب، فعندما رفض اليهود الفرصة الأمريكية الأخيرة قبيل انعقاد أنابوليس لتوقيع وثيقة مع عباس في مفاوضات الفنادق قبيل المؤتمر كشفت امريكا تقريرها الاستخباراتي الذي يبرأ إيران من السعي لامتلاك تسليح نووي وقامت القيامة في اسرائيل التي كانت مقتنعة قبل ذلك بأن امريكا ستحارب إيران، وعند زيارة بوش المشؤومة للمنطقة وقبيل وصوله الى اسرائيل بثت أمريكا شريطا يظهر التوتر بين البوارج الأمريكية والزوارق الايرانية فارادت أن تقول لاسرائيل بأنه لا بد من تقديم التنازلات التي يطلبها بوش لعباس فالحرب مع إيران هي المكافأة وهذه الحرب لا بد مندلعة، وعندما لم تقدم اسرائيل ما كان يرغب به بوش فقد ذكر البنتاغون بعد رحيل بوش عن اسرائيل الى دول الخليج بأن ذلك الشريط المصور عن البوارج الأمركية والزوارق الايرانية لم يكن دقيقاً. وباقتناع اسرائيل بأن أمريكا التي دخلت عامها الانتخابي ليست بصدد الحرب مع إيران فقد وجدت نفسها لوحدها في مواجهة الخطر الايراني.

وبما أن اليهود غير قادرين على مجابهة هذا الخطر الايراني لوحدهم فإن تفكيك الدول من حول ايران يجب ان يكون سياستها، ولأن اسرائيل لا تأمن النوايا السورية فيما لو اندلعت حرب مع ايران فإن تفكيك سوريا عن إيران قد صار أولوية كبرى في السياسة الاسرائيلية فيما لوقررت اسرائيل خوض غمار المجابهة مع ايران لوحدها. بل وفوق ذلك فإن سوريا لها موقع استراتيجي كبير بالنسبة لليهود إذ يمكن لعزلها أن يمنع اتصال حزب الله بايران ويمنع عنه المدد، بالاضافة الى الامكانية المتوفرة في دمشق للضغط على جماعات المقاومة الفلسطينية الأخرى.    
  
والآن تظهر الادارة الأمريكية اهتمامها الشديد بالمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ولا تبدي نفس الاهتمام بالمسار السوري، وهذا بحاجة الى التوقف والتأمل، فعلى المسار الفلسطيني كانت أمريكا تتكتم كلياً على نتيجة المفاوضات وكانت مهتمة به لدرجة أن هذه المسألة أصبحت الشغل الشاغل لوزيرة الخارجية رايس التي أخذت تعاود قراءة وثائق المفاوضات السابقة منذ مؤتمر مدريد 1991م وتعقد اجتماعات مع رؤساء أمريكيين ومسؤولين سابقين بل وكانت تتكتم على موعد عقد لقاء أنابوليس، وهذا يفسر أن اهتمام امريكا بعقد الصلح العربي الاسرائيلي كان جدياً. ولكن أمريكا فشلت فشلاً ذريعاً في المسار الفلسطيني ودون الدخول في أسباب ذلك ونكتفي بالاشارة هنا الى أن أمريكا كانت تنتهج نهج السرية وعدم كشف المعلومات عن سير المفاوضات إذ كانت تأمل بتحقيق نتيجة، وهذا يدفع الى الاستنتاج بأن هذا النهج السري هو المتبع في المسار السوري الآن.

وما يدعم هذا الاستنتاج أن الادارتين السابقتين لهذه الادارة (كلينتون وبوش الأب) كانتا تركزين على تزامن المسار السوري مع الفلسطيني، وهو نهج يرجح أن هذه الادارة لا تزال تتبعه، أي أن المفاوضات السورية الاسرائيلية قد انطلقت فعلاً بانطلاق المسار الفلسطيني وكانت سوريا واحدة من الدول العربية المشاركة في أنابوليس المخصص للمسار الفلسطيني، وكان شرط مشاركتها باهتاً باشتراط ذكر المسار السوري.
وما دامت المسألة مختمرة من الأطراف الثلاثة فلا مانع يمنع من إطلاق هذا المسار للمفاوضات، فسوريا جاهزة لذلك من أجل حفظ النظام فيها أولاً، واسرائيل لا تواجه صعوبات كبرى في التخلي عن الجولان الذي هو شرط المفاوضات من جانب أمريكا وسوريا لأنها داخلياً تمتلك "وديعة رابين"، وتوقيع معاهدة السلام الاسرائيلية مع سوريا أسهل بكثير من النجاح بمثل ذلك مع الفلسطينيين وتكاد تتوافق الأحزاب الاسرائيلية على ذلك نظراً للأهمية الاستراتيجية لما سينتج عن ذلك، وهذا مغاير تماماً للمسار الفلسطيني، وكان متوقعاً منذ البدء في الحديث عن السلام (مطلع 2007م) أن المسار الفلسطيني سيتعثر والمسار السوري سينجح.

صحيح أن أموراً اخرى قد طرأت، واهم تلك الأمور أن أمريكا نجحت في حمل الدول العربية على مساعدتها في العراق فعلاً، فأصبحت محافظة الأنبار شعار الفشل الأمريكي أملاً جديداً للنجاح بسبب التدخلات الأردنية مع العشائر والنجاح المروج له لصحوات العراق، وبالمجمل فإن العراق الذي لا يزال مركز التنبه الأول للأمريكيين قد أصبح أقل نزيفاً للجيش الأمريكي، وبفعل ذلك عادت الادارة الأمريكية للنشاط على عدة مسارح دولية في أفريقيا والقضية الفلسطينية وأوروبا (كوسوفو)، وإن كانت أمريكا تدرك بأن الأوضاع العراقية لا تزال بالغة الخطورة وأن عودة الصحوات (وفيها بعض جماعات المقاومة) لمقاتلة الجيش الأمريكي ممكنة، فالانجاز في العراق لا يزال هشاً، أي أن الحاجة لسوريا على الحدود مع العراق لا تزال قائمة وإن خفت أهميتها عن ما كانت عليه بداية 2007م. والطارئ الآخر هو دخول الولايات المتحدة في العام الانتخابي وانتقال الاهتمام والتركيز على طبيعة الادارة الأمريكية القادمة. ولكن المراقب للحملات الانتخابية تلك يرى بأن الاهتمام منصب على نتنائج الانتخابات في الحزب الديمقراطي اي أن من يفوز أوباما أم كلينتون سيشكل الادارة الأمركية القادمة، وفعلاً يتمتع الحزب الجمهوري بحظوظ أقل وهذا ما يدفع الى أن تحاول إدارة بوش القيام بعمل يعيد للحزب الجمهوري ثقة الناخب الأمريكي، وكان بوش يطمع بأن يكون ذلك تسوية القضية الفلسطينية، وبما أن هذا غير ممكن خلال العام 2008م على الأقل فيستبعد أن يكون خبراء السياسة الأمريكية غير مبصرين لإمكانية ذلك على المسار السوري الذي تكاد تكون عناصر نجاحه جميعها قد اكتملت.

والذي يدعو الى ذلك الاستنتاج أيضاً أن قادة اليهود يتجرأون كثيراً على إحراج أمريكا في سير المسار الفلسطيني فيقومون ببناء المستوطنات وقتل المدنيين ليس فقط في غزة بل وفي الضفة الغربية، ولا تظهر اسرائيل أي مؤشر فعلي للسلام مع سلطة عباس. صحيح أن إدارة بوش ليست بصدد إغضاب اليهود نظراً للانتخابات الأمريكية ولكته يكشف من زاوية أخرى على معرفة أمريكا واطمئنانها باستعداد اليهود للتنازل عن الأرض على جانب آخر هو الجانب السوري، ومن أجل إقناع اليهود بالتفاوض وإشعارهم بأنهم يتفاوضون من مركز قوة لا ضعف (بعد هزيمتهم في لبنان) فقد ساعدتهم أمريكا في قصف شمال سوريا في محاولة لإعادة الاعتبار الى هيبة الدولة اليهودية. والأمر الآخر الذي ربما يشير الى ذلك فهو عودة سوريا للتدخل في الشأن اللبناني في مسألة التوافق على قائد الجيش عماد سليمان، وهذا مؤشر على أن سوريا ربما تقطف بعض ثمار تعاونها مع أمريكا واستعدادها للتنازل عن بعض الجولان لاسرائيل.

وأرى بأن الكشف عن هذه المفاوضات التي يفترض أنها تسير على قدم وساق سيؤدي الى تدخل أطراف أخرى كأوروبا وربما تحاول عرقلتها أو إفشالها عن طريق اليهود بالدرجة الأولى، لذلك تبقيها أمريكا مخفيةً حتى تكتمل، وربما لا تستعجل أمريكا نتائجها فأفضل ما يكون بالنسبة للادارة الأمريكية هو الكشف عنها وتوقيع معاهدة السلام بين سوريا وإسرائيل قبيل الانتخابات الأمريكية في تشرين ثاني 2008م بحيث تكون قوة تساعد جون ماكين المرشح الجمهوري ضد خصمه الديمقراطي.
  وهذا الأمر ليس ضرباً من الغيب وإنما قراءة لأحوال مستجدة يفترض أن تدفع في هذا الاتجاه، والتسريب الذي خرج عن لقاء ألون ليئيل مع عماد مصطفى في واشنطن هو مؤشر على ذلك والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق