السبت، 2 أبريل 2011

الكفار والأنظمة العربية تقتل المسلمين

إن فهم الواقع جزء أساسي من مساعي تغييره. وكثيراً ما اختلط الفهم على كثيرين لحقيقة الأنظمة العربية وغير العربية القائمة في العالم الاسلامي. وكثيرون هم الذين وقعوا في فخاخ الأقنعة المزيفة التي غطت بها الأنظمة القائمة وجوهها، وكان الوقوع في ذلك الفخ هو المصيدة المطلوبة لتثبيط الشباب عن العمل الجاد من أجل الهدف. وقبل أن نلقي النظرة على الحقيقة المتجلية الآن بوضوح من التحالف غير الجديد بين الكفار والأنظمة العربية ومعها غير العربية القائمة في العالم الاسلامي لا بد من طرق بعض الأمثلة على الأقنعة التي غطت أنظمة الحكم في المنطقة الاسلامية.
فمن جمال عبد الناصر الذي غطى قناعه الاشتراكي وهالة الزعامة الكبيرة التي أحيط بها، كل ذلك جعل الناس يستبعدون أي ارتباط له بالغرب أو أنه ضعيف. وعلى الرغم من أن دولة "اسرائيل" الضعيفة وقتها قد هزمته شر هزيمة سنة 1967 وهو حاكم مصر العظمى إلا أن الناس بقيت تثق به. ولم يتسائل عنه الناس كثيراً كيف أن نائبه ورفيق دربه أنور السادات قد أصبح بين عشية وضحاها عميلاً للأمريكيين، وهل يمكن يا ترى لرجل أن يجر نظاماً لتبديل وجهته، نعم لم يتسائل الناس عن حقيقة عبد الناصر، وبقي سراً دفن معه لا يعلمه إلا قليل.

 

وفي الباكستان كان يتغنى الشباب المسلم المندفع لنجدة أفغانستان بجهود ضياء الحق رئيس باكستان في بناء الدولة الاسلامية في أفغانستان دون أن يخطر ببالهم: لماذا لا يبنيها ضياء الحق في بلده باكستان؟ وبقيت باكستان فترة طويلة قبل أن ينكشف واقع عمالة حكامها للغرب لعيون المسلمين.
وفي سوريا الأسد، كانت الاشتراكية والوطنية هي القناع الذي يغطي به الأسد عمالته لأمريكا، ونجح في ذلك نجاحاً كبيراً مكنه من أن يكون عاصمةً للحركات الوطنية، بل والاسلامية الثائرة في محيطه. وطالما نال الأسد ثناءً من قادة حركات وأحزاب يظن الناس بها خيراً بسيبب تارخها الجهادي ضد يهود وعدائها الظاهر للغرب.
ودون الحاجة الى سرد أمثلة أخرى، إذ كل حاكم له قصة مشابه من الارتباط بالغرب وتغطية هذه العلاقة، ولا يستثنى من هؤلاء الحكام أحد مات أو لم يمت بعد خلال هذه الحقبة اللئيمة من تاريخ أمة الاسلام والتي استطاع الغرب أن يعيث بأمتنا فساداً وإفساداً، ويخطئ من يظن أن ايران خارج هذه اللعبة، بل هي أكثر تستراً من غيرها من الأنظمة التي تنسق سياساتها بكل تفاصيلها مع الغرب في غرف مغلقة حتى لا يسقط القناع. ومن كان يظن أن الشرق الأوسط يمكن أن يحتمل مشاريع سياسية كالتي تطرحها أمريكا من تجميع السنة مع اليهود ضد ايران والشيعة، ذلك المشروع الأمريكي الذي سارت به ايران حتى النخاع، ذلك النخاع الذي حصد أرواح مئات الآلاف من المسلمين في العراق ولبنان والبحرين واليمن وباكستان وأفغانستان. نعم، لا داعي لسرد المزيد من الأمثلة، ويكفينا القول بأن همة التغيير التي برزت على الأمة بعد الثورة التونسية قد أخذت تسقط هذه الأقنعة قناعاً تلو قناع، فتعرت الأنظمة أمام شعوبها، ليرى الناس بأعينهم ما كان يراه المفكرون قبلهم من أن حكامهم هؤلاء هم حقاً شر حكام تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنة واليهم تعود.
فكانت أمريكا تدير اتصالاتها برجال الحكم حول الرئيس حسني مبارك كما لو أن الثورة المصرية في إحدى الولايات الأمريكية، وأخيراً هي التي كانت تأمره بالرحيل عندما ذكر مسؤول الادارة الأمريكية بعبارة : كنا نقصد الأمس بطلب التنحي من مبارك وليس سبتمبر، وكان يرى الناس أن مثل هذه الأوامر غير ممكنة لولا أن نظام مبارك ومن قبله ممن يطلق عليهم ثورة الضباط الأحرار قد مكنوا أمريكا من ترتيب البيت المصري وفق متطلبات السياسة الأمريكية ليس إلا.
وأما في ليبيا، فقد كان سقوط قناع القذافي أشد وقعاً، عندما حذّر الغرب من انتصار الثوار الليبيين ضد نظام حكمه، وما يمكن أن يشكل ذلك من أخطار على "إسرائيل" وأوروبا. وهذا يكفي لاسقاط قناع عداوة القذافي ل"اسرائيل" والغرب، وحذر هو وابنه سيف أوروبا والعالم من الامارات الاسلامية التي يمكن أن تبرز في ليبيا، وكأنهما عدوين صريحين للاسلام، مع أنهما كانا يظهران وكأنهما قادة كبار في الأمة الاسلامية، فقد دعى القذافي الى الجهاد ضد سويسرا بسبب منعها للمآذن على خلفية عدم احترامها لابنه.
أما وقد شاع في الأمة على اثر الثورة الهرج والمرج، فقد تجلت الحقيقة بشكل سافر لا لبس فيه، وكانت وسائل الاعلام لا تخطئ قرائتها العين. النظام التونسي يقتل المسلمين في تونس في المظاهرات. النظام المصري وبلطجيته يقتلون المسلمين في المظاهرات المصرية. "إسرائيل" تقتل المسلمين في غزة. أمريكا تشن غارات وتقتل المسلمين في باكستان. النظام اليمني يقتل المسلمين في ساحات الاعتصام في صنعاء وغيرها من مدن اليمن. نظام القذافي يقتل المسلمين بوحشية في أجدابيا وبنغازي، وحلف النيتو يقتل المسلمين في أفغانستان. النظام السوري يقتل المسلمين في درعا وفي دوما واللاذقية. بلجيكا وبريطانيا وفرنسا تقتل المسلمين في ليبيا تحت مبرر الحظر الجوي، الطائرات الغربية تختفي من الجو، وكتائب القذافي تعود لقتل المسلمين في راس لانوف والبريقة وبن جواد. القواعد العسكرية الأمريكية في البحرين كانت تقصف العراق وتقتل المسلمين في العراق أثناء الحرب، هذه القواعد تثمت الآن، ونظام المالكي في بغداد يقتل المسلمين في العراق، والنظام الملكي في البحرين يقتل المسلمين في البحرين.
هذه هي المعادلة المرَة التي لم يرد كثيرون أن يفهموها من ذي قبل. إن معادلة الصراع واضحة وضوح الشمس لكل من كان له عينين، الأمة الاسلامية بكل شعوبها وحركاتها السياسية المخلصة (التي كانت الأنظمة تعاملها بالقمع والسجون والتعمية الاعلامية) هذا هو الطرف الأول للمعادلة، أما الطرف الثاني، فإنه الكفار، أمريكا وبريطانيا وأوروبا و"اسرائيل" وأنظمة الحكم القائمة في العالم الاسلامي كله، يلحق بهم الأحزاب الحاكمة والحركات الموالية حتى ولو تسمت بالمعارضة، هذا هو الطرف الثاني للمعادلة.
وإذا كانت الصورة قد وضحت الآن، أفلا يجب علينا أن ننفض أيدينا من كل أعدائنا، الكفار، وأنظمة الحكم بكل طرازاتها الوطنية كنظام سوريا والمتسترة بالاسلام وهو منها براء كأنظمة ايران والسودان وغيرها، كل ذلك من طرف الأعداء من المعادلة، ولا ننسى الأحزاب التي تطبل وتزمر لتلك الأنظمة والتي سكنت جزء من بنائها وشاركتها ولو أحياناً الحكم في بعض الوزارات. كل هذه القوى قدعفى عليها الزمن، وأن الزمن القادم هو زمن الاسلام، والعصر الجديد هو العصر الذي يلي الحكم الجبري "خلافة على منهاج النبوة"، وهو عصر الأمة الاسلامية والأحزاب والحركات التي عرفت الأمة اخلاصها وعدم انخراطها في عفن أنظمة الحكم التي يجري تهديمها الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق